داود الشريان


حين استقبَلَنا الرئيس بشار الأسد في دمشق، الأحد الماضي، تحدث عن ضغوط دولية لفصل مسار المحكمة الخاصة بلبنان عن المسعى السعودي ndash; السوري، وأسهب في وصف هذه الضغوط. كان كلامه يوحي بأن الأمور ستصل الى ما وصلت اليه، قبل ان يتضح ذلك جلياً في ساعة متقدمة ليلَ الاثنين ndash; الثلثاء، فضلاً عن ان الرئيس السوري أشار بوضوح الى ان فرنسا ليست في وارد الحماسة لجهد سعودي - سوري لحل الأزمة في لبنان، وتبيّن لاحقاً من حصيلة المشاورات، ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي كان داعماً للموقف الأميركي الرافض أي تأثير في عمل المحكمة، خلال لقائه الرئيس باراك اوباما.

لا أنكر أنني لمست قلقاً في كلام الرئيس بشار الأسد من تطور الأمور في الايام المقبلة، وهو أقر بصعوبة جمع الاطراف اللبنانية عند نقاط معينة. لكن الذي فات الجميع في لبنان، ان المسعى السعودي - السوري كان تفاهماً لرعاية الوضع على الساحة اللبنانية، ولم يكن مبادرة جرى اسقاطها. والرفض الدولي لم يمس، او يؤثر في العلاقة بين سورية والسعودية، بل ان هذا التطور فرض تأكيد الرياض حرصها على تطوير التفاهم مع سورية، واستخدامه في تهدئة الأوضاع المرشحة للتصعيد في لبنان، فضلاً عن ان الساحة اللبنانية كانت دائماً تتحرك وِفق درجة الخلاف بين الرياض ودمشق، لكن هذا الخلاف غير موجود اليوم.

لا شك في ان التحدي اليوم هو ألاّ تتحول الخلافات اللبنانية - اللبنانية الى شظايا تصيب العلاقات السعودية ndash; السورية، فهذه العلاقات ستبقى مؤثرة في لجم تداعيات المحكمة، مهما قيل عن نفاذ قراراتها، وحماسة العواصم الغربية لها، ورفض أي تدخل في مسارها، فالمسعى السعودي - السوري كان يهدف الى تفويت الفرصة على أي تحرك لضرب الاستقرار، وإشاعة الفوضى في لبنان، وهو قادر على فعل الكثير في هذا الجانب.

الأكيد ان فرصة اللبنانيين في تحقيق شعارات الحوار والوحدة الوطنية باتت على المحك. لبنان بحاجة الى استقبال القرار الظني بجبهة وطنية متفاهمة، ولو في الحد الأدنى. وأياً تكن المفاجآت التي يحملها قرار المحكمة، فإن تحرك الأطراف اللبنانية يجب أن يسير في اتجاه معاكس. ومن دون تنازلات من الجانبين، فإن لبنان سيدخل مرحلة أخطر من اختلال الأمن، وهو ربما وقف في طابور التقسيم الذي يجتاح المنطقة بوتيرة متسارعة.