سمير عطاالله


تحاول مجموعة من الدول، بدرجات متفاوتة، التوسط في الأزمة اللبنانية منذ عام: السعودية، سورية، مصر، قطر، تركيا وفرنسا. وخلال هذا العام قام بزيارة لبنان الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس بشار الأسد والرئيس أحمدي نجاد ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان. وكان لبنان موضع لقاء قمة العشرين وقمة الملك عبد الله - ساركوزي وموضع مباحثات رئيس وزرائه سعد الحريري في الرياض وباريس وواشنطن وبريطانيا، التي أعلن رئيس وزرائها الشهر الماضي أن لبنان سوف يكون مسرح أحداث خطيرة هذا الشهر.
لم تستطع جميع دول الأرض أن تقرب بين اللبنانيين المنقسمين بين laquo;14raquo; وlaquo;8raquo; آذار، منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومجموعة من السياسيين والصحافيين والضباط، الذين ينتمون جميعا إلى laquo;14 آذارraquo;. وقد انتهت المرحلة العربية - الدولية بإسقاط الحكومة من خلال استقالة جماعية لوزراء laquo;8 آذارraquo;، ومعهم الدكتور عدنان السيد حسين، المحسوب على حصة رئيس الجمهورية، وذلك لكي لا يبقى وزير شيعي في الحكومة، وبالتالي لإعطائها لونا واحدا، مما يجعلها مناقضة لفكرة الوحدة الوطنية.
كان البحث عن اتفاق بن الفريقين أمرا مستحيلا، لأن الخلاف منطلق من خطين سلبيين كليا: أهل القتيل المعروف، وأهل المتهم المحتمل، وفقا لتعبير عبد الرحمن الراشد.. فريق يبحث عن قاتل، وفريق يرفض رمي الشبهة عليه. وثمة فريق ثالث، هو المدعي العام الدولي الذي تسربت من جيوبه أسماء وإشاعات، لكن لم يذكر على لسانه تهمة واحدة حتى الآن.
واضح، منذ اللحظة الأولى، أنها أزمة حكم لا أزمة حكومية؛ بل هي هذه المرة أزمة نظام، والاستقالة من الحكومة مجرد خطوة في برنامج تصعيدي. واللبنانيون يعرفون أنهم سيتحاربون مرة أخرى، حول جريمة وقعت على أرضهم وقانون ليس على أرضهم ولا في أيديهم.
وليس من مقياس لمدى استحالة الوضع، أصدق وأعمق من مقياس توقف القطار السعودي السوري - أيضا وفق تعبير الراشد - الذي تحاشى فريقاه تسميته بـlaquo;المبادرةraquo; منذ اللحظة الأولى، خوفا من احتمال الوصول إلى جدار مثل هذا الجدار. وقد حدث.