تغيير الخريطة القبلية وتنامي الانقسام بين القبائل لا يساعدان على تحقيق الاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية
كتب أساف ديفيد، وهو زميل باحث في معهد هاري ترومان لتقدم السلام بجامعة القدس العبرية، مقالاً في مجلة فورين بوليسي، أورد فيه أن أحدث التحاليل المختصة بانتخابات نوفمبر البرلمانية في الأردن ركزت على نظام تقسيم الدوائر الانتخابية، نجم عنها مصادمات عنيفة بين العشائر والقبائل. والبرلمان السادس عشر من المفترض أن يكون موالياً رغم أن السياسة تتم خارج البرلمان. ويعد البرلمان المحافظ من الأخبار الجيدة للنظام، حيث يندر تمثيل الإسلاميين والفلسطينيين منذ تشكيل البرلمان السابق. فالبرلمان الجديد جزءاً من المعادلة السياسية، وهو دليل جديد على زوال الأنماط القديمة للعلاقات الاجتماعية داخل المملكة، وظهور اتجاهات جديدة خطيرة. ويوم الانتخابات كان عرضاً ناجحاً للإجراءات الانتخابية الشفافة والنزيهة، علاوة على أنه شهد إقبالاً واسعاً، حيث تم تسجيل 2.4 مليون ناخب قام معظمهم بانتخاب 120 نائباً جديداً بالبرلمان. إلا أن الإخوان المسلمين أثاروا قلاقل بشأن مستوى التمثيل وشرعية البرلمان الجديد. وثلثا النواب في البرلمان السادس عشر كانوا من الوجوه الجديدة، كما ترددت شائعات بشأن استياء الملك عن إقبال الفلسطينيين الأردنيين بنسبة %12 على التصويت. ويعود تجنب الفلسطينيين للانتخابات إلى مقاطعة الإخوان المسلمين لها والقلق من تجريد الجنسية حال تم الاتصال بفروع التسجيل بوزارة الداخلية. هذا وقد تم انتخاب أربعة من سكان معسكرات اللاجئين، كان من بينهم ثلاثة من مسؤولي فتح. علاوة على ذلك كان من بين المرشحين أشخاص من أصول فلسطينية: مثل مجحم الصقور، الممثل لمنطقة وادي الأردن الفقيرة، وخليل عطية. من ناحية أخرى، تم انتخاب فيصل الفايز رئيس الوزراء الأسبق، لرئاسة البرلمان الجديد، وهو ما اعتبرته المعارضة الأردنية تعييناً رسمياً من قبل الدولة، وربطته بتعديل قانون الانتخاب.
وتغيير الخريطة القبلية وتنامي الانقسام بين القبائل من الصعب أن يساعد النظام على تحقيق استراتيجياته الاقتصادية والسياسية. فقد تم عزل الفايز من منصبه كرئيس للوزراء عام 2005 بعد تصادمه مع الليبراليين بزعامة د. باسم عوض الله. هذا وقد أدى تشكيل الحكومة الجديدة إلى عزل وزير الاقتصاد رجائي المعشر، ووزير الداخلية المحافظ نايف القاضي، ليحل محلهم مستشار الملك أيمن الصفدي، وسعد هايل السرور كوزير للداخلية. ويختتم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن تصويت البرلمان الجديد للثقة في الحكومة كان محل تهكم الأردنيين، حيث تعني معارضة الحكومة بالنسبة لأعضاء البرلمان معارضة الملك نفسه.