سالم بن أحمد سحاب

إن كان لثورة الياسمين في تونس من أبطال، فلا بد من تذكر بطل كبير وكيان عظيم، هو الجيش التونسي الذي آثر الانحياز إلى الجماهير التي قام باسمها وأكل من خير بلادها وعُهد إليه حفظ دستورها.
الجيش التونسي كان مثالاً للضمير الحي الذي أبى إلا أن يقدر مسؤولياته ويحترم نفسه ويرقى إلى المتوقع منه. الجيش مؤسسة قامت لحفظ البلاد من أي عدوان خارجي عليها، لا لسفك دماء مواطنيها.. هو منظمة لحماية الدولة من كل من يستهدف مواطني الدولة حتى لو كان النظام نفسه.
أي كيان يحميه الجيش إن تجرأ فصوب رصاصاته وقنابله ودباباته وقذائفه نحو الصدور المفتوحة والأيدي المرفوعة؟ ما جدوى دولة تموت كي يحيا نظامها المستبد؟ وما فائدة كيان تُقطع كل أطرافه كي يبقى مركزه النابض بالظلم والجور والعدوان؟
للجيش التونسي تحية إجلال وإكبار لأنه كان رقماً صعباً، فسار ليناً هيناً في يد الجماهير، نائياً بنفسه عن مجازر بشعة وحمامات دم محتملة! لقد كان الشعب أعزل إلا من صوته، ومحروماً إلا من إرادته، ومستضعفاً إلا بقوة تكاتفه. ولو ساير الجيش النظام وسار في ركابه محققاً له رغباته ونزواته لكانت العواقب أليمة والمآلات محزنة ومؤسفة.
ولكن الله سلم، وحفظ وأكرم، فكان الجيش لما جُعل له، وشاء الله أن تعجّل هذه المبادرة الحضارية برحيل النظام في ليل أظلم، فانقطعت به السبل، ولولا أنه أجير عاجلاً لكان طريداً حتى الساعة يتقلب في شر أعماله ويواجه نتائج مظلماته وعواقب سوءاته.
ولقد اعتادت أنظمة عربية سائدة وبائدة خروج الطغاة من رحم المؤسسة العسكرية ليذيقوا البلاد والعباد صنوف العذاب وفصول الظلم وأسفار التخلف والتأخر. لكن ربما حان اليوم الذي تدرك فيه هذه المؤسسات التي قامت لحماية البلاد والعباد حقيقة دورها وأهمية وجودها لاعباً مؤثراً على صعيد إحقاق الحق ودفع الظلم وترسيخ العدل، لا مجرد laquo;دميةraquo; في يد أنظمة لم ترع الأمانة حق رعايتها، ولم تصدق مع رعاياها، ولم تبق في البلاد إلا الفتات وأقل من الفتات.
حيوا معي كل جندي شريف في جيش الياسمين والزيتونة والقيروان!!