بدرية البشر


من يشاهد الحشود وهي ترش الورود على القاتل، ويتساءل عن نوع الجريمة محل تقدير هذه الحشود، سيكتشف أن القاتل هو الحارس الشخصي وهو مسلم متطرف قتل حاكم البنجاب المسلم، لأن الحاكم اعترض على قانون التكفير، والذي تسبب بحكم إعدام سيدة مسيحية تلفظت أثناء مشاجرة مع مسلمة بكلمات غير لائقة ضد دينها.

قام القاتل بإطلاق ٢٧ رصاصة في صدره بفخر واعتزاز وهو متأكد أن طريقه سالكة إلى الجنة، ولأن الحاكم لم يدعم قانون التجديف أمام المحكمة فقد كان الحل الوحيد هو قتله، وسيتأكد القاتل من كونه قام بالفعل الصحيح أكثر حين يرى الجموع من الأحزاب الدينية، وهي تستقبله بالورود والتصفيق مثل فاتحٍ أو بطلٍ قومي. هذا التشجيع للقاتل واعتباره مجاهداً، ودعم مواقف التكفير والتشدد السفيهة هي حرية تعبير، يراها المتشددون حقاً لهم، بينما ما يفعله غيرهم من زلات سفيهة أيضاً هو تجديف وكفر.

معظم الأحزاب الدينية المسلمة اليوم لا تفعل شيئاً واضحاً وجلياً مثل الإساءة للإسلام، ولا تخجل من اتباع الإساليب الميكافيلية، مثل الكذب أو القتل والتصفية أو التورط في عمليات بيع المخدرات وغسيل الأموال طالما أنها تصب في مصلحة دعم الجهاد (بمفهومها هي طبعاً)، وحالما تصل للسلطة عبر وسائل الديمقراطية التي يكفلها الدستور أو عبر الانقلابات والحروب فإن برنامجها السياسي لايتعدى منع حلق اللحى وتغطية وجوه النساء وإجلاسهن في البيوت وتنفيذ أحكام الجلد، وإذا ما انتهت خطتهم الاجتماعية هذه لإصلاح المجتمع، فإنهم لابد أن يبحثوا عن عدو ليدخلوا معه في حرب وليصدقوا الناس أنهم المنقذون.

بعض الحكومات لا تجد حرجاً في رعاية هذه التيارات والتي تبرر وجودها بأنها تمارس فهماً صحيحاً من الإسلام أو أنها تمارس حقاً في التعبير عن فهمها لأنه لصيق بثقافتها وعاداتها وتقاليدها، لكن هذه الحكومات نفسها لاتستطيع أو ربما تتكاسل في الدفاع عن التيارات الأخرى المختلفة مع هذا التيار، والتي لا تشعر بأن هذه المواقف المتشددة تمثلها اجتماعياً أو ثقافياً أو دينياً، خصوصاً إذا ماوجدت أقلية غير مسلمة، وهذا ما تسبب في انفصال السودان والفتن الطائفية في مصر والعراق ولبنان، وبعض من دول بدأت شرارة التعصب أو التطرف الديني تشتعل فيها، الأحزاب والتيارات الدينية في تعصبهم وتكفيرهم ليسوا خليقة أنفسهم بل هم نتيجة فشل المشروعات التي أحاطت بهم والتي جعلت من جموع تخرج بالورود تحيي مسلماً قتل مسلماً آخر وكأنها مباراة كرة قدم. هذا هو قانون التكفير الذي احتج عليه الحاكم ولم يفهموه. بل قتلوه.