سمير عطا الله

حتى الآن عرفت الثورة التونسية من لا تريد، لكنها لم تعرف من وماذا تريد؟ فلا قادة الثورة ظهروا، ولا فكر الثورة بان، ولا هويتها أعلنت. كل ما رأيناه لا يعدو مظاهر غاضبة على الحكم السابق. وقد تسنى للثورة زميلان تونسيان معارضان، غسان بن جدو ومحمد كريشان، وها هما يتوليان، بمهارة، تظهير صورة لأسباب الحركة، لكنهما لم يتوصلا حتى الآن إلى تظهير صورة واضحة لأي قوة رئيسية تقف وراء الحركة، أو هي قادرة على تشكيل الدولة المقبلة.

تبدو laquo;الجزيرةraquo; وكأنها الناطق الوحيد باسم الثورة التي لم يصدر عنها، في شهرها الثاني، أي laquo;مانيفستوraquo; أو بيان أو تصور مستقبلي. ويرفض الزميل بن جدو، كما بدا من برنامجه مساء الأحد، وصف ما يجري بأنه laquo;ثورة مطالبraquo;، ربما على اعتبار أن ذلك يقلل من أهميتها. لكن لا هو ولا محاوروه طرحوا أي نوع من الثورات هي.

هناك مطالب، متوقعة طبعا، بإلغاء الحزب الحاكم، لكن من دون طرح البديل. وهناك دعوات إلى إبعاد أهل النظام، ولكن من دون القول بماذا يمكن سد الفراغ، وكيف يصار إلى تسيير شؤون البلاد؟ لقد طالب وزير الداخلية بمهلة بضعة أشهر لإجراء انتخابات تعيد تشكيل سلطة الحكم. لكن هل سوف يعطى هذه الفرصة بكل بساطة، فيما تعيد القوى تشكيل نفسها في انتظار اللحظة المناسبة؟

لا شك أن جميع القوى العربية والعالمية تراقب ما يجري في تونس. ولا شك أن الغموض الداخلي يعكس حيرة خارجية. ولا شك أن ثمة خوفا عاما من حالة التفكك التي تمر بها الدول العربية، في حالات مشابهة كثيرا لما يقع في تونس: جماعات تغلي ولكنها لم تتفق بعد حتى على الشعارات وlaquo;اليافطاتraquo;، إلا تلك التي تكتب على ورق عادي وبخط عادي، في انتظار ظهور المحترفين والمسيسين.

هل سوف تظل تونس تنزل إلى الشارع كل يوم؟ في انتظار ماذا؟ ما الذي يقنعها بالعودة إلى الهدوء من أجل الوصول إلى نظام جديد؟ هل هناك سباق خفي نحو السلطة: العسكر أو الأصوليون؟ معروف أنه ليس هناك قوة منظمة أخرى في العالم العربي.