إلياس بجاني

بتاريخ 19 اكتوبر الجاري نشر موقع تلفزيون quot;أم تي فيquot; الألكتروني خبراً تحت عنوان quot;البطريرك الراعي يأمل على الأحزاب اللبنانية تغيير أسمائها وquot;الكتائبquot; وquot;القواتquot; في أميركا يؤيدان quot; هذا نصه الحرفي: quot;أمل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي على الأحزاب في لبنان تغيير أسمائها والبدء بالعمل السياسي من جديد. وذكر البطريرك الراعي خلال لقاء في رعية مار انطونيوس الكبير في ماساتشوستس بكلام البطريرك الراحل الياس الحويك بأن quot;طائفتي لبنانquot;, معتبراً أن quot;هذا الكلام خطير وهو نبه الموارنة إلى إن لبنان هو قضيتهم وتاريخهمquot;. من جهة أخرى, التقى وفداً من حزب quot;القوات اللبنانيةquot; وquot;الكتائبquot; الذين أيدوا كلامه, مشيرين إلى أن quot;الراعي منفتح على الجميع وهو يعمل ليس فقط لتوحيد المسيحيين بل كل اللبنانيينquot;. (انتهى الخبر)
نسأل بسذاجة الأطفال وبعقل الذين لا عقل عندهم, وبمنطق عديمي المنطق, نسأل: إذا كان فعلاً حزبي quot;القواتquot; وquot;الكتائبquot; في لبنان يؤيدان كلام البطريرك الراعي هذا كما ورد في الخبر? من معرفتنا بثوابت الحزبين وتاريخهما ومن مواقف قادتهما العلنية والموثقة نستنتج ببساطة أن هذا أمر مستحيل وغير صحيح جملة وتفصيلا, والمشكلة في رأينا المتواضع تكمن في قاطع آخر قد يكون حماسة غير محسوبة وطيبة قلب وعدم معرفة وفخاخ نصبت فاصطادت!
غبطة الراعي رجل عظيم جداً يريد تغيير كل شيء وتوحيد الجميع, ولهذا انتقل إلى قاطع إيران وسورية وquot;حزب اللهquot; بمواقف غريبة وعجيبة يصر عليها بعناد منقطع النظير. ولو فعلاً افترضنا أن الشباب quot;الطيبينquot; يمثلون الحزبين في ثوابتهما وقناعاتهما وكان الخبر أعلاه صحيحاً وهذا من quot;رابع المستحيلاتquot; فذلك يعني ببساطة أن الحزبين أصبحا في quot;8 آذارquot; , والتحقا بقاطرة ميشال عون والصهر جبران, ودخلا في بوتقة تحالف الأقليات, وتبنيا سلاح حزب الله, ويساندان الرئيس السوري بشار الأسد في عملية قتل شعبه واحتلال لبنان, وإلى آخر معزوفة مواقف الراعي quot;الوحدويةquot; الفظيعة! فإذا حقيقة كانت هذه هي مواقف الحزبين يكون الراعي فعلاً قد نجح ووحد الموارنة. هل هذه هي الوحدة المرجوة والمنتظرة التي يعمل من أجلها غبطته?
لا نعتقد ذلك أبداً, وإن دل كلام الخبر أعلاه على أي شيء فهو يدل على عدم الجدية والخفة والسطحية في تعاطي الشأن العام في بلاد الانتشار. كما يبين بوضوح جلي أن المنضوين تحت لواء كل الأحزاب اللبنانية غير العقائدية والأصولية quot;في بلاد الانتشارquot; لا يدركون حقيقة مواقف وثوابت هذه الأحزاب ويكتفون منها بتعليق الأزرار والتلحف بشالاتها إضافة إلى إحياء quot;القداديس والجنانيزquot; والمشاركة في المناسبات والحفلات وما شابهها من أنشطة. المؤسف أن هذا هو واقع المتعاطين الشأن العام اللبناني في الاغتراب من كل الفئات ما عدا العقائديين والأصوليين منهم ... صبيانية وضياع!
إذاً, بتغيير أسماء الأحزاب تنتهي كل مشكلاتنا. بفرح نقول الحمد لله غبطة حلها ووحد الموارنة بعد اكتشافه العظيم في أن العلة تكمن في أسماء الأحزاب.
فظيع, من سنين ونحن نجهل أسباب المشكلة في وطن الأرز ونتحارب ونتصارع. البعض قال إنها إسرائيل والصهيونية والإمبريالية والشيطان الأميركي والاستعمار الصليبي, والبعض الأخر اعتبر إنها العرب والعروبة, quot;وقلة, نعم فقط قلةquot;!! ظنوا في سورية البعث حامية حمى الأقليات على قاعدة quot;شعبين في وطن واحدquot;, quot;ورخاوة خاصرةquot; quot;ووحدة مصارين ومصيرquot;, وممانعة, وفريق أخر يساري وستاليني وبلشفي رأى إنها تكمن في الطائفية والطبقية والإٌقطاع.
اليوم يتبين أن الجميع كانوا quot;غلطانينquot; حتى العظم quot;ومش عارفين كوعن من بوعنًquot;. الحمد لله على أن غبطة الراعي تفرد ومن بلاد العم سام والاستكبار العالمي بوضع إصبعه على أسباب الجرح النازف والمزمن quot;المعشعشquot; والمتخفي في أسماء الأحزاب اللبنانية فطلب من وفدي حزبي الكتائب والقوات في أميركا أن يغيرا اسمي حزبيهما فتنتهي بذلك معانات الشعب اللبناني كله المقيم والمغترب ومنخلص. وخلصت قصتنا, يلا عالدبكة والتبولة!
الشباب على أساس أن غبطة البطريرك لا يُرد له طلب وافقوا على كلامه واعتبروا بحماس بعد اللقاء أن غبطته quot;خط أحمرquot; ممنوع الاقتراب منه, فذكرونا هنا بخطوط الصهر جبران ذات التوتر العالي التي تخيف أهل المتن الشمالي المصر على مدها مع عمه الجنرال النابليوني, وهنا فقط فهمنا وأدركنا الحكمة من إصرارهما العنيد على مدها وذلك لتوتير الناس وإيقاظها من كبوتها وتوعيتها وإجبارها على تغيير أسماء أحزابها. فظيعة فعلاً هذه العبقرية. يلا عالدبكة والتبولة!
الحمد لله انحلت وخلصنا والبركة بسيدنا فخلال أسابيع قليلة تتغير أسماء الأحزاب وتنتهي كل مشكلات لبنان, ومع تغييرها ومن دون جهد تُسلم الدويلة الملالوية سلاحها للدولة, وتنضوي تحت رايتها ويتم ترسم الحدود مع سورية الشقيقة الشقية, ونعود لاتفاقية الهدنة مع إسرائيل, وتعاد طوعاً الأراضي المسروقة في لاسا إلى مطرانية جونيه المارونية, وترفع الأعلام البيضاء في كل الدويلات, وتتابع المحكمة الدولية عملها من دون صعاب بعد أن يسلمها quot;حزب السلاحquot; أفراده المتهمين, ويسلم كل القتلة والمجرمين أنفسهم بفرح للدولة, ويعود الحريري إلى لبنان عن طريق الضاحية الجنوبية ويكون في استقباله السيد حسن نصرالله, ويدخل الجيش اللبناني إلى المخيمات الفلسطينية وإلى المعسكرات السورية في الناعمة والبقاع. وخلصت قصتنا, نعم خلصت يلا عالدبكة والتبولة والبركة بسيدنا!
ولكن بحشرية نسأل صاحب مشروع الأسماء العلل والكوارث ما هي الأسماء البديلة المقترحة لmacr; quot;حmacr;زب اللهquot; وquot;للقومي السوريquot; وquot;البعثيquot; وquot;الشغيلةquot; وquot;الديمقراطيquot; ولباقي الربع الممانعين وquot;المقاومجيةquot; والمحررين والممانعين? وما هو الاسم الذي سنعطيه للشبيحة? نعتقد أن العبقرية اللبنانية لن تعصى عليها هذه المعضلة, وخلصنا يلا عالدبكة والتبولة!
أما نحن في بلاد الاغتراب المطلوب منا وبسرعة حزم حقائبنا لنعود إلى ربوع الوطن الأم حيث أن أراضي البطريركية المارونية بانتظارنا لنستثمر فيها كما أفادنا وطلب منا غبطته. باختصار انتهينا وخلصت قصتنا يلا عالدبكة والتبولة!
المشكلة كلها كانت في أسماء الأحزاب وانحلت, يلا عالدبكة والتبولة, وفعلا quot;شر البلية ما يضحكquot;!