عبد المنعم سعيد

أشعر بكثير من الشفقة علي بعض الثوار الذين ساهموا في ثورة يناير بعد أن دار الزمان دورته ومضي عامrlm;'rlm; الربيع العربيrlm;'rlm; وأقبل عام آخرrlm;.rlm;


المشهد الأول تجد صداه في الشوارع والميادين وعلي حوائط مطار القاهرة الدولي عن القادة والزعماء الذين يطلبون من شعوبهم التعلم من المصريين الذين يطلقون ثورة الحرية بيد, وينظفون الميادين باليد الأخري. ثورة أطاحت بنظام سياسي له عنفوان وقوة ومنعة, ولكنه يتهاوي أمام صيحات' سلمية.. سلمية' التي لم تلبث أن صارت شعارا عالميا. تحدث الجميع عن العصر السعيد الذي أقبل لكي يقضي علي سنوات الفساد والظلام والظلم لكي يحل محلها أعوام وعقود وقرون تأخذ فيها مصر مكانتها التي تستحقها بعد أن كان كل مفكري مصر وعلمائها يستهلون كلامهم المهذب بأن مصر تستحق أفضل مما حصلت عليه حتي ساعة الكلام. كان المشهد والقول رائعين بكل المقاييس, حتي أن دولا ليس لها في الثورة الكثير سرعان ما أقبلت تعلن عن استعدادها في الخليج وفي الدول الثماني وأوروبا وأمريكا الشمالية واليابان لكي تقدم العون للنمر الحقيقي القادم من ضفاف النيل بلا زيف ولا طغيان, ديمقراطيا وحرا وإنسانيا, وله من الفضيلة نصيب كبير.
دار الزمان دورته في شهور, وبدا الأمر كما لو كان صباحا تلا حفل زفاف طال حتي الفجر ومن بعده جاء الصداع أهله. ومن كانوا يدا واحدة صاروا في حالة مواجهة تستباح فيها النساء عارا وخزيا, ويتحول فيها الأطفال إلي مجرمين يحرقون وسط الرقصات المجمع العلمي. وعبر الزمن جري للأقباط ما جري في أزمنة سابقة في أطفيح أو قنا أو ماسبيرو. وبقدر ما أخرجت الثورة أفضل ما فينا فإنها أبرزت أسوأ ما كان لدينا; وبينما سقط الشهداء أثناء الثورة ليظفروا لنا جميعا بالحرية, سقط شهداء بلا ثمن ولا هدف بينما صار ثوار نجوما في التليفزيون يغنون للثورة ويجدلون لها الأشعار.
الصدمة الكبري لثوار التليفزيون جاءت من موقف الشعب المصري الذي صوت للتعديلات الدستورية بينما وقفوا ضدها, وحينما جاء وقت التصويت لمجلس الشعب لم يذهب الناس وراء حلم يأخذنا أربعة عشر قرنا إلي الأمام وإنما جروا وراء أمل أتي منذ أربعة عشر قرنا من الماضي, وبينما ضاع بصر ثوار حقيقيين وانتابهم ظلام حتي بقية العمر, فاز حزب النور ليجلس في مقاعد البرلمان بينما ستون حزبا ثوريا, وائتلافات أكثر لم تحصل علي مقعد واحد, ومن أتوا بالمليارات ذهبوا ولم يعد أحد. العجب هائل والشفقة محزنة.