تذكروا عراق 1991

محمد عبد الجبار الشبوط
الصباح
في سياق النقاش الدولي الدائر الان حول تقديم الدعم العسكري لثوار ليبيا، يتذكر الكثيرون احداث العراق. لكن اي عراق يقصدون؟ انهم يقصدون عراق عام 2003يوم قامت الولايات المتحدة الاميركية بمشاركة عدد كبير اخر من الدول، لكن بدون قرار واضح من مجلس الامن، بشن الحرب ضد نظام صدام حسين، واسقاطه. قيل في وقتها الكثير عن دوافع ذلك الغزو، المعلنة والمضمرة. الذين يسيئون الظن قالوا ان واشنطن فعلت ذلك من اجل النفط. اما الذين يحسنون الظن فقالوا انها فعلت ذلك من اجل تحرير الشعب العراقي من نير صدام حسين، واقامة ديمقراطية في العراق. اخرون قالوا ان السبب يكمن في اسلحة الدمار الشامل، التي لم يتم العثور على مخزوناتها بعد الاطاحة بنظام صدام. وعلى اية حال، فان المحللين يتذكرون ما جرى بعد ذلك، من اندلاع الحرب الطائفية في العراق، وارتفاع عدد القتلى من الجنود الاميركيين الى اكثر من 4000 قتيل. اصبحت الحرب الاميركية في العراق laquo;كارثةraquo; ذكّرت الاميركيين خاصة بكارثة فيتنام. وشن الرئيس الاميركي باراك اوباما حملته الانتخابية تحت شعار laquo;الانسحاب المسؤولraquo; من العراق. والمغزى هو عدم تكرار التجربة عام 2011 في ليبيا.
الكاتبة الاميركية آنْ ابلباوم دعت في مقال نشرته صحيفة laquo;واشنطن بوستraquo; الاميركية يوم الثلاثاء الى laquo;عدم تكرار اخطاء الماضيraquo; مشيرة الى ان العالم العربي غير متحمس للتدخل الاميركي في ليبيا، حتى اذا جاء تحت شعار دعم الثوار ومساعدة الشعب الليبي على اقامة الديمقراطية في بلاده. وقالت ان على الاميركيين ان يصغوا الى ما يقوله الناس على الارض، هناك في ليبيا. والى هذه اللحظة، تقول الكاتبة الاميركية laquo;فانها لا تسمعهم ينادون الاميركيين بالقدوم.raquo;
لم تترك التجربة الاميركية في العراق عام 2003 ذكريات جميلة في عقول الاميركيين وغيرهمالكثيرين. ولعلهم على حق في ذلك، فان ثمن اسقاط نظام صدام، وتحرير الشعب العراقي من نيره، كان كبيرا، الى درجة ان البعض يتساءل ان كان من الضروري دفع ذلك الثمن لتحقيق هذه الغاية بواسطة هذا الطريق.
لكن القليلين يتذكرون العراق عام 1991. في ذلكالعام ثار الشعب العراقي على نظام صدام، وتمكن من تحرير حوالي 15 محافظة من اصل 18 محافظة عراقية. وكان ذلك بعد عودة بقايا الجيش العراقي المهزوم في حرب تحرير الكويت.قام احد الجنود باطلاق الرصاص على صورة لصدام في وسط ساحة عامة في مدينة البصرة في مطلع شهر اذار من ذلك العام. كان ذلك كما يرى الكثيرون ايذانا باندلاع الانتفاضة الشعبية التي لم يشهد العراق مثلها منذ ما يعرف بثورة العشرين 30 حزيران من عام 1920 ضد القوات البريطانية الغازية انذاك. ردا على الانتفاضة، شن نظام صدام حرب ابادة وحشية ضد الثوار وraquo;المناطق المحررةraquo; مستفيدا من قوات الحرس الجمهوري التي ابقاها القائد الاميركي شوارتزكوف سليمة، مع السماح لصدام باستخدام الطائرات العمودية (الهليكوبتر). مكنت هذه القدرات العسكرية صدام حسين من سحق الثورة بوحشية مفرطة، الامر الذي اسفر عن مقتل ما يقارب 750 الف مدني فيما اطلق عليه صدام laquo;صفحة الغدر والخيانةraquo;. كانت تلك القصة سببا اساسيا من اسباب تزعزع ثقة العراقيين بالولايات المتحدة ووعودها.في تلك الفترة اكتفى العالم بالتفرج على القوات العراقية الحكومية وهي تبيد المدنيين الثائرين وترتكب مجزرة رهيبة بحقهم. لم يفعل العالم سوى انه اصدر قرارا من مجلس الامن تحت الفصل السادس (قرار رقم 688)، وليس الفصل السابع، يدعو الحكومة العراقية الى وقف اعمال العنف وانتهاكات حقوق الانسان بحق مواطنيها. وهو الامر الذي لم تصغ اليه حكومة صدامابدا. لاحقا تم فرض منطقة حظر جوي في الشمال والجنوب، لكن الوقت كان قد فات بالنسبة لثوار الجنوب خاصة.
لا يجري تذكر هذه الواقعة الان، وهي تشبه الى حد كبير ما يجري في ليبيا، اكثر مما تشبه واقعة 2003. من الممكن جدا، اذا اكتفى المجتمع الدولي بالتفرج او النقاش الاكاديمي الممل، ان تؤول تطورات الاحداث الى ما يشبه ما حدث في العراق عام 1991. ولا شيء يمنع الزعيم القذافي بان يفعل في ليبيا الان ما فعله صدام في العراق في ذلك العام. لا شيء يمنعه من تحريك قواته الجوية والبرية والبحرية وزجها في حرب ابادة ضد الليبيين ومناطقهم laquo;المحررةraquo; بدعوى مكافحة الارهاب والقضاء على مؤامرة عالمية لتقسيم ليبيا!
في سياق النقاش الدولي الدائر الان حول تقديم الدعم العسكري لثوار ليبيا، يتذكر الكثيرون احداث العراق. لكن اي عراق يقصدون؟ انهم يقصدون عراق عام 2003يوم قامت الولايات المتحدة الاميركية بمشاركة عدد كبير اخر من الدول، لكن بدون قرار واضح من مجلس الامن، بشن الحرب ضد نظام صدام حسين، واسقاطه. قيل في وقتها الكثير عن دوافع ذلك الغزو، المعلنة والمضمرة. الذين يسيئون الظن قالوا ان واشنطن فعلت ذلك من اجل النفط. اما الذين يحسنون الظن فقالوا انها فعلت ذلك من اجل تحرير الشعب العراقي من نير صدام حسين، واقامة ديمقراطية في العراق. اخرون قالوا ان السبب يكمن في اسلحة الدمار الشامل، التي لم يتم العثور على مخزوناتها بعد الاطاحة بنظام صدام. وعلى اية حال، فان المحللين يتذكرون ما جرى بعد ذلك، من اندلاع الحرب الطائفية في العراق، وارتفاع عدد القتلى من الجنود الاميركيين الى اكثر من 4000 قتيل. اصبحت الحرب الاميركية في العراق laquo;كارثةraquo; ذكّرت الاميركيين خاصة بكارثة فيتنام. وشن الرئيس الاميركي باراك اوباما حملته الانتخابية تحت شعار laquo;الانسحاب المسؤولraquo; من العراق. والمغزى هو عدم تكرار التجربة عام 2011 في ليبيا.الكاتبة الاميركية آنْ ابلباوم دعت في مقال نشرته صحيفة laquo;واشنطن بوستraquo; الاميركية يوم الثلاثاء الى laquo;عدم تكرار اخطاء الماضيraquo; مشيرة الى ان العالم العربي غير متحمس للتدخل الاميركي في ليبيا، حتى اذا جاء تحت شعار دعم الثوار ومساعدة الشعب الليبي على اقامة الديمقراطية في بلاده. وقالت ان على الاميركيين ان يصغوا الى ما يقوله الناس على الارض، هناك في ليبيا. والى هذه اللحظة، تقول الكاتبة الاميركية laquo;فانها لا تسمعهم ينادون الاميركيين بالقدوم.raquo;لم تترك التجربة الاميركية في العراق عام 2003 ذكريات جميلة في عقول الاميركيين وغيرهمالكثيرين. ولعلهم على حق في ذلك، فان ثمن اسقاط نظام صدام، وتحرير الشعب العراقي من نيره، كان كبيرا، الى درجة ان البعض يتساءل ان كان من الضروري دفع ذلك الثمن لتحقيق هذه الغاية بواسطة هذا الطريق.لكن القليلين يتذكرون العراق عام 1991. في ذلكالعام ثار الشعب العراقي على نظام صدام، وتمكن من تحرير حوالي 15 محافظة من اصل 18 محافظة عراقية. وكان ذلك بعد عودة بقايا الجيش العراقي المهزوم في حرب تحرير الكويت.قام احد الجنود باطلاق الرصاص على صورة لصدام في وسط ساحة عامة في مدينة البصرة في مطلع شهر اذار من ذلك العام. كان ذلك كما يرى الكثيرون ايذانا باندلاع الانتفاضة الشعبية التي لم يشهد العراق مثلها منذ ما يعرف بثورة العشرين 30 حزيران من عام 1920 ضد القوات البريطانية الغازية انذاك. ردا على الانتفاضة، شن نظام صدام حرب ابادة وحشية ضد الثوار وraquo;المناطق المحررةraquo; مستفيدا من قوات الحرس الجمهوري التي ابقاها القائد الاميركي شوارتزكوف سليمة، مع السماح لصدام باستخدام الطائرات العمودية (الهليكوبتر). مكنت هذه القدرات العسكرية صدام حسين من سحق الثورة بوحشية مفرطة، الامر الذي اسفر عن مقتل ما يقارب 750 الف مدني فيما اطلق عليه صدام laquo;صفحة الغدر والخيانةraquo;. كانت تلك القصة سببا اساسيا من اسباب تزعزع ثقة العراقيين بالولايات المتحدة ووعودها.في تلك الفترة اكتفى العالم بالتفرج على القوات العراقية الحكومية وهي تبيد المدنيين الثائرين وترتكب مجزرة رهيبة بحقهم. لم يفعل العالم سوى انه اصدر قرارا من مجلس الامن تحت الفصل السادس (قرار رقم 688)، وليس الفصل السابع، يدعو الحكومة العراقية الى وقف اعمال العنف وانتهاكات حقوق الانسان بحق مواطنيها. وهو الامر الذي لم تصغ اليه حكومة صدامابدا. لاحقا تم فرض منطقة حظر جوي في الشمال والجنوب، لكن الوقت كان قد فات بالنسبة لثوار الجنوب خاصة.لا يجري تذكر هذه الواقعة الان، وهي تشبه الى حد كبير ما يجري في ليبيا، اكثر مما تشبه واقعة 2003. من الممكن جدا، اذا اكتفى المجتمع الدولي بالتفرج او النقاش الاكاديمي الممل، ان تؤول تطورات الاحداث الى ما يشبه ما حدث في العراق عام 1991. ولا شيء يمنع الزعيم القذافي بان يفعل في ليبيا الان ما فعله صدام في العراق في ذلك العام. لا شيء يمنعه من تحريك قواته الجوية والبرية والبحرية وزجها في حرب ابادة ضد الليبيين ومناطقهم laquo;المحررةraquo; بدعوى مكافحة الارهاب والقضاء على مؤامرة عالمية لتقسيم ليبيا!
رشيد الخيّون
العراق... مجالس محافظات قاصرة!
الاتحاد الأماراتية
كان الخطأ الأول الذي أُرتكب هو الانتخابات المبكرة بالعراق، وكتابة الدُّستور بعجالة، وكأنه برنامج هيئة ما لا دستوراً دائماً لبلد مبتلى. فالفترة الانتقالية لم تكن كافية، لتهيئة المواطن الخارج من حصار لئيم، وها هم الذين تحمسوا لاستمراره بشراهة عادوا وأسرعوا إلى الاستحواذ، بقوة الحماية، على أملاك كانت الدولة دفعت تعويضاتها لآبائهم، وتبدو هذه هي الغاية من تجييش الجيوش لا غيرها. مع تنويهنا إلى القوى التي وقفت ضد الحصار بمسؤولية، ومنها حزبا quot;الدَّعوة الإسلاميةquot; وquot;الشُّيوعي العراقيquot; والقوى القومية بما فيها حزب quot;البعثquot; (قيادة قطر العراق) وشخصيات إسلامية غير متحزبة. كانت ذريعة استمرار الحصار، مع إصرار أميركي، هو الحيلولة دون تأهيل النظام.
لكن الحصار أطال عمر النظام وأهلك العراق، حتى تحولت الثَّقافة إلى تراب، وهبطت هيبة الأكاديمي والمعلم إلى أسفل الدرك، وهناك صور مؤلمة لانتكاسة الثقافة والعقل، لذا ليس غريباً أن تنتصر الخرافة، وتشيع بالعراق في التعامل اليومي، ودخلت إلى قاعة البرلمان. من هنا لابد مِن مراجعة سنوات الحصار ومحاسبة من أصر عليه، وساهم في جريمة التهيئة للانحطاط الحضاري.
مجالس المحافظات واحدة من إفرازات ذلك الانحطاط، فأعضاء المجالس البلدية في الأقضية والنَّواحي اختيروا على الولاءات الحزبية، ومن تحت منابر الخطابة الدينية، مع إغفال قابلياتهم المهنية. أما الأميركيون، فبعد تورطهم في إعلان أنفسهم محتلين، لم تعنيهم القدرات العلمية ولا الصفات الشخصية إنما ركزوا على الولاء، مع إثارة شهوات الطمع الشخصي، ولا يخفى أن أغلب المستشارين الذين هيأتهم واشنطن كان جلهم مِن الانتهازيين، لكن لم يخل الأمر مِن مخلصين حاولوا خدمة بلادهم، ذلك إذا علمنا أن الشخص الرابط بين هؤلاء المستشارين والحاكم الأميركي تحول في غضون سنة إلى أحد الأثرياء مِن المال السائب.
ومعلوم أن مجالس المحافظات والأقضية والنَّواحي هي أساس الحكم المحلي؛ فمشاريع التنمية تنفذ عبر تلك المجالس، وكيف يكون الحال وجل المحافظين ليسوا على دراية بما وُكل إليهم مِن مهمات تنفيذية، وأنهم خلال السنوات التسع كانوا ينفذون إرشادات أحزابهم وكياناتهم. تجدهم قُبيل الانتخابات يكثرون مِن إعلان المشاريع، والحضور وسط الجمهور، وافتتاح مشاريع ثانوية: افتتاح حديقة أو مد أنبوب ماء مع ضجة إعلامية.
ولو تتابع القناة الرسمية أو الصحف التَّابعة لهيأة الإعلام والاتصالات العراقية سترى الرَّبيع قد حلَّ بالعراق وهو في منتصف الصيف الحارق! كذلك الحال بالنسبة للقنوات الفضائية ومواقع الإنترنيت التابعة للأحزاب التي لها نائب محافظ أو مسؤول قسم في مجلس المحافظة، تجدها مشغولة بممثلها، وهو لا شأن له إلا الزيارات وتنفيذ المشاريع، لكنها بالأخير صور كاذبة، فالمحافظ نفسه، الذي كان يتحدث بإسهاب عن تقدم محافظته، أخذ بعد تولي آخر، مِن غير حزبه، يُندد بالإهمال وبواقع المحافظة المتردي، هذا في حالة محافظ الناصرية وبابل السابقين مثلاً.
أول مَن قسم العِراق إلى سناجق - تحولت التسمية بعدها إلى ألوية (حال تأسيس الدولة العِراقية الحديثة) ثم محافظات (1969)- هو الوالي العثماني مدحت باشا (أُعدم 1883). ورد في جريدة quot;الزَّوراءquot; الرَّسمية، العدد الثاني 22 يونيو 1869، تقسيم العِراق إلى عشرة سناجق: بغداد (العاصمة حيث يُقيم وزير العِراق)، شهرزور (كركوك ويتبعه أربيل)، السليمانية، الموصل، الدِّليم (الأنبار)، كربلاء، الدِّيوانية، البصرة، العمارة، المنتفك (الناصرية).
كما قسمت تلك الألوية إلى أقضية، والأقضية إلى نواحٍ، فمثلاً قسمت بغداد عام 1879 إلى أحد عشر قضاءً: المركز، الكاظمية، خراسان (بعقوبة)، خانقين، مندلي، الكوت، سامراء، عانة، الدليم (تحول إلى قضاء)، العزيزية، الجزيرة (النَّجار، الإدارة العثمانية في ولاية بغداد). وجُعل على رأس كل لواء موظف كبير يُدعى بالمتصرف، وقد ظل هذا الاسم قائماً حتى 1969 حوُّل إلى محافظ، وعلى رأس كل قضاء موظف يُلقب بالقائمقام (رتبة عسكرية)، وعلى رأس كل ناحية موظف إداري يُدعى مدير النَّاحية، ومازال اللقبان ساريين.
كان يُلزم بالمتصرفين والقائمقامين ومديري النَّواحي، في طور الدَّولة العِراقية الحديثة، شهادة جامعية مِن الحقوق، ويتدرج المتصرف مِن مدير ناحية ثم قائمقام، والأخير يكون مديراً للناحية، مع وجود دراسة في معهد خاص بالإدارة، ويتميز عادة بالنزاهة والخبرة، وترى حال الوحدات الإدارية تتعلق برؤسائها. وظل هذا النِّظام معمولاً به في أيام سلطة البعث، لكنه خُرق بإضافة الصفة الحزبية، وحصل تجاوز على الأعلمية والمهنية والتراتيبية، فقد تحول الثقل إلى المركز الحزبي، فالمسؤول الحزبي هو صاحب الكلمة الأولى، خصوصاً إذا كان الموظف الإداري أقل مرتبة حزبية منه، أو بلا مركز حزبي.
وبعد أبريل 2003 تبدلت الحال كلياً، واُعتمد نظام جديد في الحكم المحلي، يُبنى على أساس انتخاب مجلس المحافظة أو الوحدة الإدارية، ومنه يُنتخب المحافظ أو القائمقام أو مدير النَّاحية، مِن دون مراعاة المستوى الدِّراسي الحقوقي، وهو مهم جداً، لأنه يتعلق بالقانون، وإهمال مستوى الخبرة، فمثلاً عُين شخص محافظاً للحلة مع اتهامه بتزوير شهادته الثَّانوية، وهناك مَن لديه مِن الإداريين شهادة مِن حوزة دينية، أو حزبي تابع للحزب الإسلامي العراقي، أو الصَّحوات مثلاً، مثلما هو الحال بالمناطق الغربية، والانتماء الحزبي مثلما هو الحال بالمناطق الشِّمالية.
يبدو هذا النِّظام الانتخابي غير مجدٍ بالعراق، وستبقى الأزمات بظله قائمة، بل تسير نحو التدهور، فلا تكفي الحزبية مِن دون شهادة علمية حقوقية، وخبرة سابقة في الإدارة، مع أخذ الصفات الشخصية بنظر الاعتبار: النزاهة والعدالة وعدم التحزب. فمجالس المحافظات برئاستها ودوائرها غير مؤهلة، ما زال التكالب الحزبي عليها يغض النَّظر عن المؤهل والخبرة.

أقول: مثلما الحل على مستوى العراق بوزارة تكنوقراط، فلابد مِن معالجة أوضاع المجالس المحلية بمجالس مهنية لا سياسية، وإن اقتضى الحال تعيين رؤسائها مركزياً حتى عبور الأزمة الحادة، وتهيأة الكوادر القادرة على إدارتها. مجالس تنظر لمصلحة النَّاس بمعرفة ودراية، ولا يكفي حسن النوايا والموقف مِن النِّظام السَّابق مبرراً لتسلم المهام الكبرى، وعندها يحق القول: quot;فاقد الشيء لا يُعطيهquot;! إنها المجالس القاصرة العاجزة. نعتقد أن ثماني سنوات كافية للحكم على أداء المجالس المحلية بالفشل، وعلى وجه الخصوص بغداد فهي الأكثر حاجة إلى مجلس ومحافظ عالي الهمة والخبرة. إنها عاصمة البلاد.