يوسف الكويليت

هل من المنطقي والمعقول أن تكون أجهزة الأمن الإيرانية واستخباراتها على غير علمٍ برسوّ عدة سفن وناقلات نفط في موانئها، وهي المستفزة التي ترصد كل حركة حول حدودها أو في نطاقها القريب؟!

أمريكا هي التي كشفت الأمر، ووضعت الشركات الإسرائيلية التي كسرت الحظر على القائمة السوداء، وهي الحليف المباشر الذي يحظى بتنسيق على أعلى المستويات في تبادل المعلومات السرية والعلنية، وعملية التستر على القضية كانت واردة إلا أن وصول المعلومات إلى أكثر من جهة أباح كشفها، ولا يقتصر الأمر على السفن فقط فهناك العديد من المعلومات التي تقول إن هناك تعاوناً تقنياً واقتصادياً وعسكرياً قائماً بين الدولتين، وأن خدع التصريحات المتبادلة بينهما والتهديد بضربة عسكرية إسرائيلية للمفاعلات النووية، وما يقابلها من تهويمات إيران بأنها العدو الأول وخط المواجهة تجاه الدولة الصهيونية، ليست أكثر من أبخرة في قدر يغلي بقطرات ماء..

فالذين انخدعوا بأن هناك حرباً وشيكة بين البلدين لاختلاف العقيدتين ، وتحريض كلّ منهما مقاطعة الأخرى وفرض حصار عليها، مورس هذا الأمر على إيران، لكن لعاب إسرائيل جنى مكاسب هائلة، وإدراكها أن العيون ستغمض عنها مهما تجاوزت القوانين الدولية أعاد شهوة المراباة مع العدو في الظاهر، والشريك في الخفاء، لكن ما هو أكثر أهمية أن الذين ساروا في الظلام الإيراني وليله الدامس، وبالذات من حماس الفلسطينية، عليهم أن يفتحوا عيونهم على أضواء الحقائق الجديدة، أي أن الدعم الذي يصل لهم من قبل إيران يأتي لإخفاء الصفقات السرية من خلفهم، وأن جعجعة حزب الله بتدمير شمال إسرائيل ترتبط بنفس حلقات التنسيق بين مثلث الأصدقاء الأعداء..

العجيب ماذا لو كانت هذه السفن رست خارج الدول العربية التي لديها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، كأن ترسو في ميناء أبوظبي، أو جدة أو الكويت ثم حدث تصويرها ونشرها على الرأي العام العالمي، كيف سيكون رد الفعل الإيراني، وما هي الكلمات التي ستنتقيها من قاموسها في إلصاق التهم والعمالة والتنسيق مع العدو لضرب الثورة من قبل السرطان الإسرائيلي الأكبر وحلفائه الخليجيين؟

لا تستطيع إيران الإنكار، ولا إسرائيل الادعاء بما يعكس الحقيقة، لكنها الوضعية التي تترجم الفعل السياسي بأنه يحلّل الحرام، ويحرّم الحلال، وعملية وجود علاقات سرية بين البلدين لا يكذبها إلا من يجهل سلوكهما، فالمصالح لها الأولوية على الأخلاق وعملية مخادعة الأطراف المؤمنة بأن حروب الكلمات تؤكد الأفعال والمواقف، تعد ضرباً من تعميم الجهل، لأن المظاهر التي تتكلم عنها إيران هي للاستهلاك العام لمجموعة المغفلين، وحتى ما قيل بأن كشف السفن سوف يوضع ضمن الحرب التي يشنها الشيطان الأكبر ضد دولة الثورة الإيرانية فإن ذلك سيُترجم ويضاف إلى هذه الحملات لتبرئتها والعلْم بنظافة ثوبها..