حازم عبدالرحمن

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جماعة تعتقد أن مجرد إتباع أوامر الدين وإلتزام نواهيه كفيلة بتقدم المجتمع وإنضباط الأخلاقrlm;.rlm; لكن الواقع يبين أن الأمور أعقد من ذلك بكثير فتقدم المجتمعات لا يتوقف علي هذا فقط بل علي وجود صناعة قوية وتقدم تكنولوجي.

ونهضة علمية. كذلك فإن قوة الأخلاق في المجتمع تعتمد علي ذيوع احترام قيمة العمل وانتشار قيمتي العدل والمساواة وعدم التمييز بين الرجل والمرأة. ونحن نعرف جميعا أنه توجد في السعودية جماعة بذات الإسم تتولي مراقبة سلوكيات الأشخاص خاصة النساء ومدي انصياعهم لأوامر الدين وتعاليمه, وهناك مساع حالية لتكوين مثل هذه الجماعة في مصر وقد تكون هذه الجماعة المصرية امتدادا أو محاكاة لها.
(1)
المساعي لإقامة جماعة بإسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مصر يجب ألا تمر بسهولة فهي مساع ضد حركة التاريخ المصري وضد طبيعة الحياة الإجتماعة المصرية. ففي الأرياف ومنذ أقدم العصور تتجاور النساء والبنات مع الرجال والفتيان في مختلف الأعمال الزراعية, ولا يوجد نقش فرعوني واحد يسجل أو يرصد وجود عزل بين الجنسين, وليس معقولا ولا مقبولا أن نأتي في الزمن الحالي لنمنع الإختلاط في الحياة الإجتماعية وفي مجالات العمل المختلفة بين النساء والرجال بزعم المحافظة علي الفضيلة. فالمجتمع المصري منذ دولة محمد علي يشهد حركة متزايدة في اتجاه زيادة خروج النساء إلي الحياة الإجتماعية والثقافية والإقتصادية والسياسية. ومن غير المعقول أن نستورد أنماط حياة إجتماعية كانت تناسب المجتمعات الصحراوية القديمة, لكنها لم تعد حتي تناسبها في الزمان الحالي, يكفي أن الاختلاط الذي قد تسعي بعض الجماعات السلفية إلي حظره في مصر موجود في كل مجتمعات الخليج قاطبة ولكن بدرجات مختلفة, ثم إنه يتزايد يوما بعد يوم. ولم يعد أحد ينظر إلي مثل هذه الأفكار وهذا التحركات إلا بوصفها أحد أشكال قهر النساء والتمييز ضدهن. والدولة مسئولة هنا عن التدقيق في مصادر تمويل هذه الجماعة إذا ما تم تكوينها, كذلك فإن الأزهر والأحزاب السلفية عليهما مسئولية التصدي لأفكارها وسلوكياتها وتصويبها وفقا لصحيح علوم الدين وبما يخدم صالح المجتمع حاضره ومستقبله.
(2)
وللتذكرة فإن لجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تاريخا سيئا في السعودية, ففي عام2002 وقع حريق في مدرسة داخلية للبنات بمكة المكرمة, فما كان من أعضاء هذه الجماعة إلا ان منعوا رجال المطافيء والإسعاف من دخول المدرسة لإطفاء الحريق وإنقاذ المحاصرات علي أساس أنه لا يوجد داخل المدرسة محارم للطالبات و ليس مقبولا أن تنكشف البنات علي رجال لا يعرفوهن وترتب علي هذا أن لقيت15 فتاة علي الأقل مصرعهن حرقا غير العشرات اللواتي أصبن بحروق مختلفة.
هذه الجماعة أيضا قاومت بكل قوة جهود المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز لتطوير شكل الحياة في السعودية إبتداء من عام1965 فقد بذل أعضاوها كل ما في وسعهم لوقف تعليم البنات بحجة أن ذلك مفسدة وأنهن سوف يطالعن كتبا مختلفة بها أمور كثيرة محرمة ومكروهة, وهي تقف ومازالت ضد السماح للنساء بقيادة السيارات علي أساس أن النساء سيخرجن من البيوت بدون أزواجهن فيتعرضن للفتنة. وتكافح الجماعة بكل الوسائل اندماج المرأة في الحياة الإجتماعية علي قدم المساواة مع الرجل. وحاليا فإن الغالبية العظمي من السعوديين يمقتون هذه الجماعة ويكرهونها تماما كما نشعر نحن في مصر تجاه مباحث أمن الدولة. فالجماعة هي دولة داخل الدولة وذات نفوذ جبار وكريه ولا تخضع لأي حساب.
(3)
المدهش أن هذه الجماعة تجعل كل همها هو إذلال المرأة واحتقارها والسيطرة عليها وقهرها; إنها تشغل نفسها بهل يتم تغطية شعر المرأة كله أم لا؟ وهل يظهر وجهها ام لا؟ وهل ترتدي إسدالا أم ترتدي سروالا؟ وهل تتعطر بعطور مغرية أم ماذا؟! كل هذا دون أن تشغل نفسها أبدا بحق الناس في اختيار من يحكمهم ومحاسبته ومكافحة الفساد المالي والإداري في الدولة بل إن شيوخها يفتون بحرمانية الخروج علي الحاكم حتي وإن بغي وإن ظلم, ولا يهتمون أبدا بكيفية إدارة الثروات العامة أو من يشرف عليها أو بهل هناك تمييز بين الناس علي أساس المذاهب الدينية واللون والجنس ؟!.
أليس من الأفضل ان تنشغل مثل هذه الجماعة بمكافحة الفقر وتوفير فرص عمل للسيطرة علي البطالة وتوفير الأحياء السكنية اللائقة الرخيصة للشباب حتي يعيشوا حياة جديرة بهم, أليس ذلك أفضل من صرف كل الاهتمام إلي مراقبة الناس في كيفية أدائهم العبادات خاصة أنه لا يوجد في الإسلام سلطة دينية لإنسان علي إنسان آخر مهما كان ومهما علا قدره.أليس الأفضل أيضا أن يكون للإنسان رأي جهير في كل ما يدور حوله وأن يكون مواطنا وليس رعية.