محمد العوضي

مشايخ laquo;الموز والكوسةraquo;، هكذا أسمتهم الدكتورة آمنة نصير أستاذة الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر.
ولقد أصابت الدكتورة في وصفها لهؤلاء المفتين وليتها زادت laquo;الخيار والجَزَرraquo;!!
خلاصة القصة ان أحد المشايخ المسلمين في أوروبا أصدر فتوى تناقلتها المواقع الإلكترونية، حرمت تداول المرأة laquo;الموز والخيارraquo; تجنبا لإثارتها جنسيا، وأكدت الفتوى على ضرورة وجود محرم مع المرأة في حال رغبتها في تناول laquo;الموز والخيارraquo;.
وقالت الفتوى ان laquo;الموز والخيار والجزر والكوسةraquo; تشبه (...)، وهو ما يمكن ان يستدعي الى ذهن المرأة تخيلات جنسية تقودها للإثارة وربما الشعور بالرغبة.
وقد نشرت جريدة laquo;الرايraquo; الاربعاء 28 ديسمبر 2011 الخبر، وقام مراسلها بالقاهرة مشكورا بعرض هذا laquo;الهوسraquo; الذي سماه laquo;فتوىraquo; على أساتذة الأزهر فكان خلاصة كلام الأزهريين laquo;ان هذه الفتوى لا أصل لها في الدين الإسلامي ووصفتها بـ (الكلام الفارغ) و(تهريج الحشاشين) الذي يشوه صورة الإسلام ما يجب على المسلمين التبرؤ منها ومن الفتاوى المشابهةraquo;.
ولعل أستاذ الفقه في جامعة الأزهر الدكتو عبد الحليم الصعيدي كان أكثرهم دقة في تشخيص صاحب الفتوى عندما قال لـ laquo;الرايraquo;: laquo;ان صاحب هذه الفتوى مريض جنسيا وعليه أن يحرم أدوات النظافة المنزلية أو يفتي بألا تراها المرأة لأن الكثير منها يشبه...raquo;.
أمر عجيب وغريب ومريب ان يختم أحد المحسوبين على الفتوى وفي أوروبا عام 2011 بهذه الفتوى الجنسية السخيفة، في زمن يعرف فيه تعطش وسائل الإعلام ومواقع الاتصال الجديدة لكل مثير ليخلقوا جواً من الانتعاش للإعلام وللتشويه لهذا الدين الذي لا ينقصه المتربصون.
قبل يومين كتبت تغريدة بتويتر قلت فيها: laquo;مشايخ، كرههم الناس وأقاربهم، ليس لأنهم يدعون للحق ويصدعون به وإنما لأنهم قساة غلاظ، حتى رواد المساجد نفروا منهم، هم قلة ولكنهم أساؤوا للدينraquo;...
نعم أعرف من هجر الدين أو تمرد عليه بسبب ممارسات وشطحات وتناقضات بل وlaquo;دجلraquo; من عُرف بالتدين والدعوة فأعطى أسوأ مثل للمتدين زوراً وبهتاناً.
وصاحب هذه الفتوى الجنسية أو سلة الفواكه التناسلية يعرض الدين للهزء والازدراء.
وفقهاء الطواغيت والجبارين يزيدون الطين بلة... لذا وجدنا علماءنا منذ زمن بعيد كتبوا في مدونات الفقه الكبرى أحكاما وآدابا وشروطا للمفتي. ولم يغفلوا عن التطرق الى الفتوى الشاذة والمفتي الماجن، بعد تعريف معنى المجنون في الفتوى، كما جاء في laquo;درر الأحكام شرح مجلة الأحكامraquo;.
وذكر الفقهاء المحجور عليه، فنصوا على: laquo;المفلس، والمدين، والطبيب الجاهل، والمكاري المفلس، والمفتي الماجن... بل ان أبوحنيفة، رحمه الله - الذي يرى عدم الحجر على السفيه احتراما لآدميته، يقول بوجوب الحجر على المفتي الماجن المتلاعب بأحكام الشرع. وللعلماء تفصيل في هذا الباب لأهميته وفي رسالة الدكتوراه الثمينة laquo;أحكام السجن ومعاملة السجناء في الإسلامraquo; للدكتور حسن أبوغدة مبحث كامل تحت عنوان laquo;الحبس للتساهل في الفتوى ونحوه نقل فيه نصوصا عديدة للمجتهدينraquo;.
وفي 2010 أصدر الدكتور القرضاوي كتابا بعنوان laquo;الفتوى الشاذة: معاييرها وتطبيقاتها وأسبابها وكيف نعالجها ونتوقاهاraquo;.
وفي 2011 ألف أحمد العرفج كتابا بعنوان laquo;الغثاء الأحوى في لم طرائف وغرائب الفتوىraquo;.
ومن عجيب المفارقات انني قضيت يومين مع مسلمين أوروبيين من هولندا وبلجيكا وايطاليا... في فندق الريجنسي حلوا ضيوفا على مركز التواصل الحضاري... رأيت فيهم النضج والحرص على فهم الإسلام في مقاصده الكبرى وعقيدته الشاملة الكاملة في تصورها للكون والإنسان والحياة... وهذا الفارق الكبير بين لعب بعض المشايخ وإشغال الناس وتشويه الإسلام وبين جيل غربي اعتنق الإسلام بوعي وصدق وحب وعرف مسؤوليته تجاه مشواره الجديد.