راجح الخوري

في ذروة التراشق بالتحذيرات بين طهران وواشنطن بعد التهديد بإغلاق مضيق هرمز، جاء التوقيع الاميركي على عقد لبيع السعودية 84 مقاتلة من طرازquot;ف 15quot; وتحديث 70 مقاتلة اخرى، ليشكل نقلة نوعية في تعزيز الردع السعودي الذي يمثل العمود الفقري للامن في منطقة الخليج التي تواجه المزيد من الاخطار والتحديات.
هل هذا يعني ان الرياض تصب الزيت على النار؟
قطعاً لا. اولاً لأن الصفقة كانت قد احيلت على الكونغرس للتوقيع منذ نهاية 2010، وثانياً لأن من يصب الزيت ويتلاعب بالنار في الخليج هو النظام الايراني الذي يواصل تدخلاته في المنطقة مطالباً بدور محوري اقليمي، اعتمادا منه على استعراضاته الصاروخية وعلى قرع طبول نووياته التي جلبت له العقوبات الدولية.
واذا كانت الصفقة ستحسن قدرات الردع والدفاع في السعودية في وجه التهديدات الخارجية فإنها ستنعكس ايضاً على دول مجلس التعاون الخليجي، التي ترتبط معها باتفاق للدفاع المشترك وقّع عام 2001 ونص في بنده الخامس علىquot;ان تعزيز الدفاع الجوي لدول مجلس التعاون اصبح مطلباً استراتيجياً ملحاًquot;. واذا اضفنا الدعم القوي الذي وفره الامير سلمان بن عبد العزيز في اجتماع وزراء دفاع المجلس قبل شهر، لمشروع امتلاك منظومة انذار مبكر موحدة لمواجهة انتشار الصواريخ البالستية التي رافقتها تهديدات ايرانية صريحة بضرب دول المنطقة رداً على اميركا، فإن ذلك يوضح اهمية حصول السعودية على هذه الصفقة التي ستدعم مظلة الدفاع الوطني والخليجي في وجه التهديدات.
صحيح ان واشنطن ارادت ان تبعث برسالة تؤكد التزامها تعزيز العلاقات مع الرياض وضمان قدرات دفاعية قوية لها، الا ان الصفقة تشكل ايضاً عنصراً مهماً في الامن الاقليمي، الذي تلعب فيه قوات quot;درع الجزيرةquot; دوراً محورياً، وليس سراً ان العمود الفقري للامن الخليجي هو في القدرات الدفاعية والردعية السعودية.
في مؤتمرquot;الخليج والعالمquot; الذي عقد بداية هذا الشهر، قال الامير مقرن بن عبد العزيز ان امن العالم كله يرتبط بأمن الخليج، وان التطورات ادت الى خلخلة موازين القوى في المنطقة ومنها التطورات العراقية وبروز ايران كقوة ذات طموحات نووية وهو ما زاد من المخاطر على دول المنطقة التي اعتمدت سياسة اعتدال هادئة لكبح جموح طهران، لكن هذا لا ينفي ضرورة تعزيز القدرات الدفاعية لمجلس التعاون... في هذا السياق يلتقي كلام مقرن مع البيان الاميركي الذي وصف صفقة المقاتلات بأنها عنصر مهم في الامن الاقليمي.