عبد الرحمن الراشد

عندما أُسقط نظام واحد (صدام حسين) ردد المحللون عبارة laquo;الشرق الأوسط الجديدraquo;. نحن الآن من دون نظام مبارك، ونظام معمر القذافي، ونظام زين العابدين بن علي، والأرجح سيختفي نظام علي صالح، وسيلحقه نظام الأسد. اختفت أنظمة تحكم أكثر من مائة مليون عربي، وصارت خارطة الشرق الأوسط اليوم مليئة بالثقوب في انتظار كيف ومن سيملؤها، والرياح لا تزال تحرك رمال المنطقة. تركيا وإيران حليفتا أمس، اليوم في أسوأ علاقة منذ عقود.. سوريا وليبيا وحماس وقطر كانوا جبهة لا تهدأ في مؤتمراتها ورحلاتها. مصر والسعودية، كانتا عنوان البريد الأول، حيث لا قمم، ولا مفاوضات، ولا أحلاف من دون مصر مبارك.
للمنطقة حركة كبندول الساعة لا تهدأ، وجذب كمراكز المغناطيس لن يكون سهلا الهروب منها. إنما نحن أمام وضع جديد في بداياته. فالأحلاف الخارجية والمعسكرات الإقليمية والاشتباكات الدبلوماسية، وأحيانا العسكرية، كانت أبرز معالم الشرق الأوسط الذي أصبح قديما، تقريبا. laquo;علينا أن ننسى مصر ربما لخمس سنوات أخرىraquo;، قالها لي أحد المسؤولين العرب في حديث عن الكيفية التي يمكن بها التكتل ضد التنمر الإيراني المتزايد، laquo;علينا أن نجرب الباب العالي في أنقرةraquo;. وحتى ندرك كيف تغير الشرق الأوسط في عام واحد سريع، أذكر بمحاولة بناء التكتل الرباعي؛ إيران وتركيا وسوريا والعراق في عام 2010.. حلف أشبه بحلف بغداد، موجه هذه المرة ضد المعسكر الخليجي - المصري ndash; الأردني، وبسببه دعيت تركيا للقمة العربية في ليبيا، وفوجئ المعسكر الآخر في القمة بمشروع سمي بـlaquo;رابطة الجوارraquo; في إطار الجامعة العربية.. فكرة تعني منح طهران وأنقرة كراسي في المحفل العربي بهدف إضعاف الرياض والقاهرة، وتعزيز الخط الإيراني - السوري. لكن المشروع أجهض واعتبر خروجا على قواعد الجامعة وأنظمتها، وفي حقيقته، كان استعانة بالغير ضد محور القاهرة - الرياض.
ولأن الشرق الأوسط الجديد يتشكل، فمن المبكر أن نعرف اتجاهاته، لكن بعض القنابل الصوتية خلطت الأوراق. فالإخوان المسلمون الذين سيديرون سياسة القاهرة لأربع سنوات، هم حلفاء تقليديون للنظام الإيراني، وخصوم للغرب، وأعداء للسلام مع إسرائيل، وقد صدر عنهم ما يشير إلى استعدادهم لتغيير مواقفهم.. فكيف ستتعامل القاهرة الجديدة مع هذه الجبهات الثلاث؟ إيران والغرب وإسرائيل. لقد صدر عن الإخوان والسلفيين العديد من التصريحات الدالة على التزامهم باتفاق السلام مع إسرائيل، واستعدادهم لعلاقة خاصة مع الغرب. وبقيت إيران؛ لا ندري. الأزمات المقبلة المحتملة؛ ربما الحرب مع إيران، واستمرار النزاع مع إسرائيل، والوضع المتفجر في العراق، ستكشف عن حقيقة المواقف في حينها.
أما تركيا، فإن أمامها أبوابا جديدة مشرعة لها لبناء توازنات مختلفة، خاصة أن تركيا تقع مباشرة على خطي تماس خطيرين؛ حدودها مع سوريا، والعراق.. سيفرض عليها أن تعيد النظر في سياستها القديمة. وهكذا يبدو لنا الشرق الأوسط في حلة جديدة، ربما للأفضل، ربما لا.