يوسف الكويليت

تعددت الآراء والمواقف والأفكار حول الوضع السوري، فكلّ فريق له اتجاه يغاير الآخر، فالمعارضة في الداخل والخارج بلا اتفاق يثبت نضجها، وهي مرحلة صعبة تعذر هؤلاء أنهم مُجمعون على إسقاط النظام، لكن هيكل ما بعده بات ضبابياً، والسبب أنه لم تتأسس معارضة ذات جذور أعدت برنامجاً شاملاً،، أسوة بما جرى من خلال ثورات تاريخية، والأمر لا يقتصر على سورية وحدها، فدول الربيع العربي إلى الآن لم تجتز مرحلتها بسن دساتير، ونظم تتفق عليها قاعدة شعبية عريضة، فقط الإسلاميون هم التنظيم الوحيد الذي يملك التأسيس والكوادر التي ربما تكون قائدة المرحلة القادمة على أن لا تتجاوز حدود المعقول في مراعاة الاحتياجات الاجتماعية، وأن لا تصدر تصريحات غير مسؤولة بتقرير مصير أقليات دينية أو ذات توجهات علمانية حفاظاً على الوحدة الوطنية والخروج من الأزمة بأقل الخسائر..

في سورية التيار الإسلامي قوي، لكن هناك تنوّع أثني وقومي وعشائري له ثقل مقابل، وقد يكون ميدان الجذب للأحزاب والتشكيلات التقليدية أو الناشئة، ودون إغفال جيل جديد قد يحدد اتجاهه وفق رؤية مختلفة، لكن تبقى المعارضة غير قادرة على كسب هذه التنوّعات من التيارات وقوى المجتمع بسبب ضعف بنيتها وتغاير أفكارها..

مراقبو الجامعة العربية، دخلوا المعترك، وهم لا يحظون بتأييد الثوار، ولا المعارضة، والنظام هناك، قد لا يفتح المواقع المتأزمة، ومحاولة تشتيت أفكار المراقبين حتى تكون آراؤهم متناقضة ومتعارضة، ويبدو أن الجامعة العربية تخوض تجربة خاسرة، ليس لعدم جدوى فكرة الشروط التي وضعتها، بل لضعف إدارتها وفق ما جرى من مندوبين عالميين في مواقع النزاع، وهو ما لم تستفد منه الجامعة، بحيث يكون الإجماع، وخيار قيادة المراقبين متوافقين مع المهمة المعقدة والصعبة..

فالحكومة أفرغت الشعب من أي مضمون وبنت قواعد فاسدة ومستغلة خططت لأن تحكم طويلاً، واستطاعت إذابة كلّ الكوادر القديمة أو إبعادها عن صنع القرار أو المساهمة فيه، وقدرت أن تزرع الرعب المنظم وبدعايةٍ بوليسية لعبت دوراً نفسياً في إضعاف جميع القوى الاجتماعية، وقد ظل هاجس قدرتها على التعاطي مع الأوضاع الداخلية والعربية، ونسج التحالفات ولعب دور المتمرس بخلق اللعبة ونقيضها إلى أنْ تقمّصتها حالات من الغرور المطلق ساعدها في ذلك أنها دخلت مفاصل خلق التناقضات في العراق ولبنان، وهدوء الجبهة الإسرائيلية، بمعنى أن تركيزها على حدود مضطربة لا تؤثر في داخلها، أو تكون نداً لها كما كان مع صدام حسين، جعل السلطة تنام على مظاهر الاستقرار، لكن مفاجأة الانفجار الشعبي، بددت تلك الضمانات، وجعلتها ترى في مقاتلة الشعب دفاعاً عن مبدأ البقاء، وهي سياسة خاسرة وفقاً لتجارب عربية وعالمية أُسقطت أنظمتها بنفس السلاح، والقدرة الشعبية..