يوسف البنخليل

هو في الحقيقة ليس هارباً، فلا أعتقد أنه مطلوب في قضية أمنية أو جنائية، ولكن يُنظر له من قبل مختلف مكونات الشعب بأنه تخلى عن مسؤولياته الوطنية عندما احتاج الوطن إليه. هذا المسؤول استضافته جهات أمريكية لسنا بحاجة إلى ذكرها هناـ لمدة 5 شهور في الولايات المتحدة ومازال هناك حتى الآن، ويُنفق عليه نحو 5400 دينار شهرياً. هنا يحق لنا التساؤل عن السبب الذي يدفع هذه الجهات بالذات إلى استضافة هذا المسؤول السابق في واشنطن طوال هذه الفترة الطويلة، وهو لم يتورط في أي جريمة حسب علمي، فهو ليس مهدداً أو مستهدفاً من أي جهة. طبعاً من قام بعملية التنسيق لانتقال هذا المسؤول واستضافته الطويلة هي السفارة الأمريكية في المنامة التي تملك علاقات واسعة وقديمة معه منذ أن بدأ نشاطه السياسي، وتطور هذا الدور تدريجياً حتى صار ينقل للسفير الأمريكي تفاصيل دقيقة حول تركيبة نظام الحكم، ورؤية القوى السياسية لمستقبل الدولة، وساهم كذلك في إدارة العلاقة بين أنصار ولاية الفقيه والسفارة نفسها، وهو ما وثقته المئات من الوثائق السرية الأمريكية التي كشف النقاب عنها مؤخراً. المسؤول البحريني السابق المتواجد في واشنطن حالياً يذكرنا بالدور الذي قام به أحمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي عندما قاد انتفاضة الأكراد الفاشلة في منتصف التسعينات من القرن العشرين. حيث انتبهت لدوره دوائر صنع القرار في واشنطن وتحديداً لدى وزارة الخارجية والدفاع والكونجرس، مما دفع إلى التنسيق معه لتنفيذ خطة إسقاط نظام البعث الحاكم التي تمت على مدى عدة سنوات. وفي العام 1998 أقر الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون خطة لإنفاق 100 مليون دولار لدعم المعارضة العراقية للإطاحة بنظام صدام. وعندما تم الغزو الأمريكي للأراضي العراقية كان الجلبي أحد أعضاء مجلس الحكم في العراق الذي تم تشكيله خلال العام 2004. هل تسعى واشنطن إلى التنسيق لتشكيل خلية أو جبهة بحرينية معارضة في الخارج بقيادة هذا المسؤول السابق لأحداث مقبلة يجري التخطيط لها حالياً؟ توجد مجموعة محدودة العدد من السياسيين وأشباه السياسيين البحرينيين في الخارج، ونشاطهم منظم منذ سنوات طويلة، وتوجد أطراف إقليمية ودولية تقوم بتمويلهم وتدريبهم وتوفير الدعم اللازم لهم. وهذه الأطراف لن تنتظر كثيراً حتى تظهر النتائج، فالصبر على المصالح له حدود بلاشك. وبالتالي ستزداد الضغوط بشكل تدريجي على القوى السياسية البحرينية المتواجدة في الخارج، ومن المتوقع كذلك أن تلجأ هذه القوى لاستراتيجيات حشد الدعم والتأييد الدولي للقوى السياسية الراديكالية في الداخل. المسؤول السابق المتواجد في واشنطن كانت له طموحات وتطلعات شخصية منذ بداية المشروع الإصلاحي، ورغم الأحداث التي اختلقها، إلا أنه حرص على إقامة علاقات مستمرة ووثيقة مع القوى السياسية البحرينية الراديكالية، ويبدو أن الوقت قد حان لاستثمارها خارجياً بعد أن فشل داخلياً.