جهاد الخازن

نعرف ما حدث في 2011، ولكن ماذا سيحدث في 2012؟

كنت كتبت عن أهم أحداث العام المنصرم، ولم أحاول أن أفتح بخت هذه السنة، إلا أني أقرأ كل يوم توقعات في الميديا الغربية عن أحداث يؤكد أصحابها أنها قادمة، قطعاً وحتماً وبالتأكيد، كإشراق الشمس من الشرق.

أستطيع أن أتوقع بقدر من الثقة أن بريطانيا ستحتفل هذه السنة بالعيد الماسي لارتقاء الملكة اليزابيث العرش قبل 60 سنة، وستنظم الألعاب الأولمبية في الصيف، وأن أميركا ستشهد انتخابات الرئاسة في أول ثلثاء من تشرين الثاني (يناير)، كالعادة كل أربع سنوات.

وأظل واثقاً من صواب كلامي وأنا أتوقع ما لن يحدث، وأغامر فأقول إن ثورات الربيع في بلادنا لن تؤدي إلى حكم ديموقراطي وحريات مدنية، وأن معمر القذافي لن يعود إلى الحكم في ليبيا، وأن السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل لن يتحقق بالتفاوض أو بالمقاطعة.

الزعماء الغربيون، في رسائلهم التقليدية إلى شعوبهم في نهاية السنة، توقعوا استمرار الأزمة المالية العالمية، وأصدقهم لأنهم يعرفون موضوعهم جيداً، فهم صنعوا الأزمة ولا يعرفون كيف يعيدون المارد الاقتصادي إلى القمقم.

الحكومة البريطانية أعلنت أن الأزمة المالية العالمية لن تمنع البريطانيين من الاحتفال بالعيد الماسي للملكة، أو من الإنفاق ببذخ على الألعاب الأولمبية ليجذب بلدهم أنظار العالم. في هذا المجال أتوقع أن افتتاح الألعاب في لندن لن يكون في عظمة افتتاحها قبل أربع سنوات في بكين.

وكنت قرأت لمن توقع في laquo;الديلي ميلraquo; أن بريطانيا ستكون صاحبة أعظم اقتصاد أوروبي بعد 40 سنة، وهذا سخف يوازي أن أتوقع أن الصومال سيكون أغنى بلد في العالم بعد 40 سنة وسيرسل مساعدات مالية وغذائية إلى سويسرا. بعد أربعين سنة لن أكون وكاتب مقال laquo;الديلي ميلraquo; موجودين ليقوم من يحاسبنا على ما قلنا قبل أربعة عقود.

في المقابل، سأجد من يحاسبني إذا توقعت ضربة عسكرية إسرائيلية لإيران هذه السنة بسبب البرنامج النووي الإيراني، وإذا لم أتوقعها، لذلك فالسلامة في أن أتوقع ما سيحدث بعد أربعين سنة لأنها فترة تعني سقوط المدة القانونية لمحاسبتي.

اليوم هناك من يتوقع أن ينتهي العالم سنة 2012، وتحديداً في 21/12/2012 عندما ينتهي تقويم مايا، وهذا laquo;روزنامةraquo; دورية تتكرر كل 5100 سنة وكانت تتبعها شعوب قديمة في كولومبيا وغواتيمالا وبعض أنحاء المكسيك قبل أن يكتشف كولومبوس أميركا. وبما أن الدورة الحالية للتقويم ستنتهي هذه السنة فهناك laquo;خبراءraquo; ومواقع إلكترونية ومجانين من كل نوع يكتبون متوقعين النهاية هذه السنة.

هو سخف لأن أصحابه لا يمكن أن يربحوا، فإذا انتهى العالم فعلاً في 21 من آخر شهر في السنة فسنقضي جميعاً معاً ونمضي، والذين توقعوا لن يجدوا من يهنئهم ويعطيهم جوائز، في حين أنه لو ثبت خطأ توقعهم فسيسخر العالم منهم.

أعتقد أن العالم لن ينتهي في الموعد المضروب، وليس السبب أنني أعرف شيئاً، إلا أنه توقعٌ مضمونُ النتائج، فلو انتهى العالم وثبت خطأي فسأكون أنا والقراء في عالم آخر ولا من يحاسبني، في حين أنه لو ثبت صوابي لكان الناس موجودين، واستأجر إحدى صالات الأعراس لأتقبل تهانيهم فيها على السبق الصحافي الكبير الذي حققته.

وكلمة أخيرة على هامش الموضوع، فالأعياد التذكارية في الغرب لها معدن أو مادة تصفها، والسنوات الثلاث الأولى هي ورق ثم قطن ثم جلد، والسنوات المتأخرة هي بلاتين وفضة ولؤلؤ ومرجان وياقوت وذهب، وصولاً إلى العيد الماسي.

غير أن التجربة تقول إن طعم كل أعياد الزواج، طالت أم قصرت، هو ورق وقطن وجلد، لذلك الذي تزوج امرأة من أجل فلوسها أفضل من الذي يتزوجها من دون سبب على الإطلاق، فينتهيان بالطلاق ويدفع واحد ثمن غلطة (توقعات) ارتكبها اثنان.