سعد بن طفلة العجمي

تصريحات إيرانية متناقضة، يكشف هذا التناقض ما هو أبعد من المناورات البحرية التي أجرتها إيران قبل أيام في خليج عمان ومنطقة الخليج. التصريح الأول جاء من الأميرال محمود موسوي ذكر فيه أن مدى صاروخ إيراني الصنع بلغ 200كم، متناقضاً مع تصريحات رسمية إيرانية بأن الصاروخ بعيد المدى!

بالطبع، من يعرف قدرات مراقبة الأقمار الصناعية يستطيع أن يكشف أن مدى الصاروخ هو أبعد نقطة على الساحل الغربي للخليج العربي لا أبعد، وبالتالي فإن الرسالة تهديد للمنشآت النفطية الخليجية العربية في حال أوقف المجتمع الدولي الصادرات النفطية الإيرانية. وتلاشى الحديث العسكري بميدان المناورات عن الصواريخ بعيدة المدى، التي يقصد بها الوصول إلى إسرائيل، وبقي للاستهلاك المحلي الإيراني وحسب.


تزامنت هذه المناورات مع تهديدات إيرانية بغلق مضيق هرمز في حال توقفت الصادرات النفطية الإيرانية، وهي مسألة لن يقدم عليها المجتمع الدولي وبالذات الغربي منه الذي يعيش أزمات اقتصادية خانقة ستزداد سوءاً بوقف الصادرات النفطية الإيرانية وتجاوز سعر برميل النفط لمائتي دولار، ولذلك فالإيرانيون يدركون قبل غيرهم أن مسألة وقف صادراتهم النفطية لن تتم، وبالتالي فإن تهديدهم بإغلاق المضيق لن ينفذ، ناهيك عن أن إغلاق مضيق هرمز سيخنق إيران قبل غيرها وسيوقف صادراتها ووارداتها قبل الآخرين لأنها لا تملك موانئ بحرية خارج منطقة الخليج.
التصعيد غير المبرر من قبل إيران مع المجتمع الدولي هو تصعيد برسائل موجهة للداخل الإيراني بالدرجة الأولى، فإيران تعلم ألا قطع لوارداتها النفطية، ولا حرب شاملة ضدها من قبل الغرب الذي تقوده أميركا، فإدارة أوباما هربت من مسؤولياتها تجاه العراق دون أن تسمع كلمة quot;شكراًquot; ممن أتت بهم للحكم في بغداد، وهي تريد الخروج من أفغانستان، ومقدمة على انتخابات رئاسية في نوفمبر القادم ليس في خطابها سوى الأزمة الاقتصادية الخانقة.

توقيت المناورات والتهديدات الإيرانية بإغلاق المضيق ومنع السفن الحربية الأميركية من دخول الخليج، تزامنت مع اختلاق أزمة تلو الأخرى مع الكويت، فاختطفت صحفيين كويتيين حصلا على تأشيرتين لدخول إيران واحتجزتهما أسابيع، ثم افتعلت مشكلة الجرف القاري البحري المشترك بينها وبين الكويت والمملكة العربية السعودية، حيث ترغب الكويت في ترسيم حدود الجرف بين الدول الثلاث مجتمعة، لكن إيران ترفض الترسيم الثلاثي وتريد ترسيماً ثنائيّاً بينها وبين الكويت بغياب السعودية، وهو ما رفضته الكويت، فهددت إيران بالحفر بالجرف دون اتفاق مع الكويت، لرفضها التفاوض مع العرب مجتمعين مع أنها ما تنفك تدعو لوحدة العالم الإسلامي وحشده في معسكر quot;المقاومةquot;!!

تهديد إيراني يتبعه آخر، وهو تهديد غير منطقي من دولة تعاني أزمة اقتصادية خانقة، وعزلة سياسية متزايدة، فإيران تعيش حصاراً دوليّاً يشتد خناقه يوميّاً، وقد زاد قبل أسبوعين بتطبيق الإدارة الأميركية عقوبات مصرفية جديدة على البنك المركزي الإيراني، وأدى ذلك إلى تراجعات متتالية للتومان (العملة الإيرانية)، وبالتالي تضخماً حادّاً يعيشه الإنسان الإيراني الذي يعيش أزمة حريات عامة وخاصة، وهنا مربط الفرس:

التهديدات والمناورات والتأزيم الإيراني مع الجيران ما هو إلا محاولة لتخفيف الضغط الداخلي، فالأزمة الاقتصادية خانقة، والحصار يشتد، والبطالة تتفاقم، والمطالب بالحريات نار تحت الرماد، ولذلك تصاعدت حدة التهديدات تصديراً لأزمات الداخل.

كان الربيع الإيراني قد انفجر عام 2009 على شكل احتجاجات مليونية شعبية على تزوير انتخابات الرئاسة، واجهتها السلطات بقمع وحشي متهمة المحتجين بالعمالة والخيانة...الخ

ترى! هل استكان الشعب الإيراني وعاش سعيداً بعد ذلك القمع؟