تقارير بريطانية: التصعيد الاخير بين واشنطن وطهران يشير الى التحرك نحو نهاية اللعبة واغلاق ايران لمضيق هرمز سيعطي امريكا مبررا لانهاء مشروعها النووي

لندن

هل وصل الغرب وايران الى نهاية اللعبة؟ وهل سيكون عام 2012 هو عام المواجهة مع ايران، اسئلة بدأت تطرح بقوة في الاعلام البريطاني، وجاء التحذير البريطاني الاخير لطهران انها لن تتردد بضرب ايران ان قامت الاخيرة باغلاق مضيق هرمز الذي تعبر منه سفن النفط.
الكل يعرف ان التصعيد مصدره طموحات ايران النووية، واستعراض القوة الذي قامت به اخيرا، عندما كشفت عن اخر ما توصلت اليه ترسانتها الحربية من صواريخ. وترى صحيفة 'اندبندنت' في واحدة من افتتاحيتها امس ان مشروع ايران النووي صار جزءا من 'موسيقى العالم' والحديث عنه يدور منذ مدة طويلة، لكن التصعيد الاخير يشير الى ان طهران والغرب يتحركان نحو نهاية اللعبة والتي ستشعل منطقة الشرق الاوسط الملتهب هو بسبب الثورات التي اندلعت فيه العام الماضي والمستمرة حتى الان.
وترد الفصل الاخير من المواجهة الى تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تشرين الثاني (نوفمبر) والذي توصلت فيه ان ايران تقترب من الانضمام للنادي النووي في غضون سنوات، على الرغم من نفي ايران ان يكون مشروعها لاغراض عسكرية. وكان رد الغرب فرض عقوبات جديدة وعقوبات اشد كما فعل الرئيس الامريكي باراك اوباما في فترة اعياد عيد الميلاد، فيما ستتخذ دول الاتحاد الاوروبي قريبا قرارا بمقاطعة النفط الايراني. والرد الايراني كان كما شاهدنا في الاسابيع الاخير، التهديد باغلاق مضيق هرمز.
في المعادلة بين ايران والغرب تبرز اسرائيل كطرف ثالث يدعو منذ مدة لتدمير المنشآت النووية الايرانية والتي هددت انه في حالة لم يقم احد بتدميرها فانها ستفعل بدون ان تستعين بأحد.
في قلب المواجهة الحالية اسباب داخلية فايران ستشهد انتخابات برلمانية في اذار (مارس) القادم ومن المتوقع ان تشهد سباقا بين المتشددين والاكثر تشددا. اما في امريكا فالحملة الانتخابية لانتخابات الرئاسة بدأت مبكرا.
ويبرز الموضوع الايراني في المعادلة الانتخابية حيث يظهر كل المرشحين الجمهوريين انهم مستعدون لضرب ايران غدا. واشارت الصحيفة الى المقال الاخير في مجلة 'فورين افيرز' ( الشؤون الخارجية) والذي دعا الى القيام بضربة وقائية للمشروع النووي الايراني وهو ما لا يدعو للراحة، خاصة ان المجلة تعبر عن اراء ومواقف السياسة الخارجية الامريكية وما يتعلق بقضايا الامن القومي.
وترى الصحيفة ان في المواجهة هناك الكثير من التظاهر في القوة من جانب ايران وعليه فادارة اوباما محقة في قولها ان العقوبات بدأت تفعل فعلها خاصة في ظل انهيار قيمة العملة الايرانية. وايا كان فالصحيفة تقول انه في ظل الوضع المتفجر فان اي خطأ او تحرك غير مدروس من كلا الطرفين قد يؤدي الى كارثة خاصة ان الحروب العظمي في الماضي اندلعت لاسباب اقل من الاسباب الحالية.

حذار من آيات الله

وبنفس السياق يرى مقال تحليلي في 'الغارديان' كتبه سيمون تسيدال ان ايران قد تكون في استعراضها للقوة تقوم بعملية مخادعة ودليل على ان العقوبات بدأت 'تقرص' وتفعل فعلها. وهو يرى ان النتيجة هذه قد تكون صحيحة الا ان هناك مخاطر لحدوث كارثة، ويتساءل ان كان ما تهدد به ايران صحيحا؟ ولا يمكن النظر الى التصعيد الايراني الا من ناحية الظروف الداخلية، حيث يواجه النظام صراعا من اجل البقاء بين الداعين لاصلاح الاقتصاد بقيادة محمود احمدي نجاد والموالين له، والمحافظين المتشددين المدعومين من الحرس الثوري الايراني وطبقة رجال الاعمال الفاسدة التي سمنت بشكل كبير منذ الثورة الايرانية عام 1979.
وفي ظل هذا التنافس يحاول المرشد الاعلى للثورة الاسلامية اية الله علي خامنئي الوقوف في الوسط، فهو ينظر بعين القلق لتحركات البوارج الامريكية في الخليج ويخشى في الوقت نفسه من ان يقود الصراع الداخلي الى ثورة ثانية في البلاد. وهناك عامل اخر، مرتبط بالقلق وهو ان الشباب الايراني الذي راقب الشباب العربي وهو يطيح بحكامه والذي لم ينس ما حدث بعد الانتخابات المزورة عام 2009 فيما عرف بالثورة الخضراء يعتقد ان الدور سيأتي على ايران عاجلا ام آجلا، على الرغم من ان قادة الثورة عام 2009 في السجون وبعضهم تحت الاقامة الجبرية.
ويخشى خامنئي والحالة هذه ان يؤدي المزاج العام في المنطقة على الانتخابات القادمة، فالنظام عادة ما يرى في المشاركة الانتخابية المرتفعة دليلا على شرعيته، لكن هناك مخاوف من مقاطعة واسعة لها. ولا يخفى ان العقوبات الشديدة ومقاطعة البنك المركزي بدأت تعطي مفعولها من خلال هبوط سعر العملة الايرانية ومنظور تراجع تصدير النفط الايراني والذي تشكل عوائده 60 بالمئة من الاقتصاد الايراني. وفي ظل هذا الوضع الخانق فان خامنئي قد يجد كحل للتناقضات الداخلية في النظام نقل الصراع للخارج واقناع الشعب ان الامة الايرانية مهددة بعدوان خارجي وهو المبرر الذي بات في يده.
ويرى الكاتب ان التصريحات الواثقة الصادرة من واشنطن عن اثر العقوبات والتحركات الامريكية في الخليج لتحذير ايران انها مستعدة للقتال، تقوم بدفع ايران نحو الجدار، بشكل يدفعها لخيار الملاكمة لا التفاوض، او قد ترد ايران بزيادة نشاطاتها النووية وهو ما لا يريده اوباما، وفي ظل التحديات الداخلية التي يواجهها خامنئي ومن معه من الملالي فان التهديدات الخارجية قد تدفعهم لتصدير الازمة لللخارج.

قوة ايران لا تساوي قوة امريكا

ويقلل كون كوفلين في 'ديلي تلغراف' من اهمية التهديدات الايرانية الاخيرة ، فهو وان قال ان ايران في السابق حاولت اغلاق المضيق بقوارب بدائية وانها اليوم اكثر استعدادا لكن الايرانيين يعرفون ان قوتهم لا تقارن بالقوة الامريكية.
ويشير الى اثر اغلاق المضيق على الاقتصاديات الغربية خاصة ان 14 محملة بالنفط الخام تعبر المضيق كل يوم محملة بـ 17 مليون برميل، كما ان المضيق اصبح نقطة مهمة لعبور الغاز الطبيعي من قطر.
ويعتقد ان المواجهة مع ايران حول ملفها النووي ومنظور العقوبات الجديدة قد دفعت ايران الى اصدار تهديدات متعبة ليظهر قادتها ان احدا لا يمكنه استفزازهم حول مشروعهم النووي. وعلى الرغم من المظاهر الاستعراضية فعلى الغرب ان يكون حذرا خاصة في ظل حالة عدم الاستقرار المزمنة التي تعاني منها ايران. ويعترف الكاتب ان الترسانة العسكرية الايرانية شهدت قفزات منذ ثمانينات القرن الماضي وانها قادرة ان نفذت وعدها على نشر اسلحة في المضيق من غواصات وقاذفات للصواريخ والغام، مع ان قدرتها الدفاعية ستظل اقل من قدرة امريكا واسطولها الخامس في البحرين.
ويقول رد امريكا على اغلاق المعبر الاستراتيجي لن يقتصر على المضيق بل سيعطي الاجراء الايراني امريكا المبرر كي تدمر مشروع طهران النووي وبالتالي اغلاق الملف النووي. ويرى في النهاية ان تهديدات ايران ما هي الا محاولة فاشلة ورد على العقوبات الغربية عليها.
وكانت 'ديلي تلغراف' قد اشارت في افتتاحيتها يوم الثلاثاء ان الشرق الاوسط منطقة خطرة مشيرة الى المثلث السوري- الايراني- العراقي، وتحدثت عن صعود الاسلاميين في مصر، حيث قالت انه على الرغم من هذا فان مصر تسير بالاتجاه الصحيح، ونجاحها في التحول الى ديمقراطية مستقرة سيكون نافعا للمنطقة كلها.