يوسف البنخليل

هل يمكن أن نتخيّل هذا السيناريو في يوم ما؛ تنهار بعض الأنظمة العربية الرئيسة الحاكمة، وتصعد نخب عربية حاكمة جديدة وتنصب العداء لدول مجلس التعاون وبعض الدول العربية الأخرى، وتقوم بالتحالف مع كل من الولايات المتحدة وإيران؟ قد يبدو هذا السيناريو بعيداً وخيالياً بدرجة كبيرة، وأعتقد أن هذه الصورة كانت موجودة قبل نحو عام ونصف العام من الآن، ولكنها اختلفت الآن تماماً لمن يتابع شؤون السياسة الإقليمية والدولية وتداعياتها على منطقة الخليج. فلدينا مجموعة من الدول العربية صارت نخبها مخترقة من قبل قوى سياسية داخلية أو تعاني من تزايد النفوذ الخارجي سواءً كان نفوذاً عربياً أو غربياً. في الوقت نفسه الدول العربية الرئيسة تراجع عددها، فبعد أن كانت هناك مصر، وسوريا والسعودية كمنظومة موازين القوى الإقليمية الثلاثية، تغيّر الوضع وصار مقتصراً على السعودية فقط، ولا يتوقع أن يعود الدور الإقليمي والدولي للقاهرة ودمشق في فترة قصيرة، بل سيتطلب سنوات طويلة حتى يعود هذا الدور من جديد. وخلاصة المشهد أن بلدان مجلس التعاون الخليجي تجد حول محيطها الجغرافي تحديات إقليمية خطيرة تزامنت في فترة زمنية قياسية ولا يتوقع لها أن تنتهي سريعاً. وهو ما يرسم لنا بيئة إقليمية محفزة للمخاطر والتهديدات وتساعد على قيام اضطرابات سياسية وأمنية داخل بلدان الخليج خلال الفترة المقبلة إذا لم تتم مواجهتها سريعاً. لنأخذ مثالاً على ذلك في دمشق التي تملك أسلحة كيميائية، ولو سقط النظام السوري الحاكم خلال الشهور المقبلة فما هي الضمانات التي يمكن أن تمنع حزب الله في لبنان من الحصول على هذه الأسلحة ويتم تهريبها إلى بلدان مجلس التعاون بأي وسيلة كانت؟. هل هناك استعدادات خليجية لمواجهة هذا التحدي؟، علماً بأنه تحدٍ بسيط والتحديات الأكبر مازالت قائمة ومقبلة. فيما يتعلق بالعلاقات العربية والخليجية ـ الإيرانية فإنها مازالت متفاوتة، وكل بلد عربي له موقف من هذه العلاقات سواءً كانت سلبية أم إيجابية، ولكن لمعظم بلدان الخليج فإن المسألة صارت مكشوفة وليست بحاجة لمزيد من التحليلات في ظل مساعي طهران لمد نفوذها نحو الساحل الغربي للخليج العربي. ويبقى السؤال هنا: هل من مصلحة بلدان مجلس التعاون الخليجي استمرار النظام الثيوقراطي الحاكم في العاصمة الإيرانية؟ أم من مصلحتها إنهاؤه بعد حكم دام قرابة العقود الثلاثة؟ جميع هذه السيناريوهات تكون واقعية للغاية إذا أدركنا حجم التهديدات الإقليمية والدولية التي تحيط بمنطقة الخليج، ودول مجلس التعاون تحديداً، وهو ما يخشى أن يتحول إلى ربيع خليجي بدلاً من الربيع العربي.