سمير عطا الله

كان يشبه، بشعره الأجعد الكث وشاربيه المعكوفين إلى تحت، صورة ألبرت أينشتاين. ولعله كان يصانع ذلك. وأما في العطاء الأدبي، فلم يكن إبراهيم أصلان يشبه أحدا إلا نفسه. وهي نفس طيبة، غامرة، سمحة، وبنت بلد.

كان أسلوبه كثيفا، مثل شعره وشاربيه الحزينين. اشتقه من إمبابة التي يخرج منها السخط والغناء والتغريب في الأدب. أعتقد أن إمبابة تسكن في الناس ولا يسكنون فيها. وعندما تركها إبراهيم أصلان قبل سنوات لم تتركه. وكنت أبحث عنها دوما في مقالاته في laquo;الأهرامraquo;، التي كانت نوعا من الجهاد شبه الأسبوعي في سبيل الأدب والحياة وأشخاص إمبابة الذين شعر بذنب عظيم لأنه تركهم إلى مكان أقل قلة وازدحاما وضجيجا.

الرواية في مصر تصنعها مصر، وما على الروائي سوى أن يحضر ورقة وقلما. تمده بالأشخاص وبالحوار وبالميلودراميات الضاحكة المبكية. وتمده بالأبطال الذين يكابدون ويكافحون ويسخرون في النهاية من كل شيء. وجيلا بعد جيل، يرث الروائيون بعضهم البعض ويتناوبون الأدوار، أو دور الغرف من عالم البسطاء. ولعل إبراهيم أصلان حاول أن يأخذ حملا عن يحيى حقي وعالمه المليء laquo;بعمال التراحيلraquo;. سألت مرة فاتن حمامة عن أجمل أفلامها، فقالت عاتبة: لقد أجبت عن هذا السؤال ألف مرة: التراحيل!

كان إبراهيم أصلان يقول إنه يصور ولا يكتب. ولذلك، عندما حولت بعض أعماله إلى أفلام لم تكن هناك صعوبة في نقلها أو كتابة السيناريو لها. وكان يقتدي بأساليب الرسامين وألوانهم، خارجا دائما بألوانه وأسلوبه هو. وبتلك النبرة التي لم تفارقه في الدفاع عن البسطاء الذين عاش في عالمهم وملأوا عليه عالمه.

لا يغيب هؤلاء السادة من دون حزن شخصي وشعور بمهابة الغياب. فقد كان إبراهيم أصلان النص المطابق للرجل بكل أمانة، والسيرة المطابقة للرواية والصدق المطابق للذات. تعطي مصر كتابها ويعطونها، على نحو فريد، ومغاير لسائر العالم العربي. وخصوصا في عالم الرواية. فمصر إلياذة حياتية ينتقي منها الروائيون ما يشاؤون. وهي بحر إذا اختاروا الدراما وبحر إذا اختاروا التفكه.