الصفقات العسكرية الأميركية المليارية في الخليج laquo;دواءraquo; تهديدات طهران


طائرات الـ laquo;أف - 15raquo; ... هل تداوي laquo;الزكامraquo; الخليجي ؟!

عماد المرزوقي

ثمة مثل قد يبدو تهكميا لكنه يبدو أيضا أقرب إلى الواقع من مجرد الحديث هو انه عندما تعطس إيران تصاب دول الخليج بالزكام فتسارع إلى شراء الدواء من أميركا.
laquo;عطستraquo; إيران في مناوراتها العسكرية العسكرية في الخليج أخيرا وتهديدها باغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي، فأصابت دول الخليج بـ laquo;الزكامraquo; التي سرعان ما بدأت بتناول laquo;المضادات الحيويةraquo; على شاكلة طائرات مقاتلة وأنظمة دفاع مضادة للصواريخ كـ laquo;أدويةraquo; فاعلة وصفتها الولايات المتحدة الأميركية التي احتفلت بـ laquo;الدجاجةraquo; الإيرانية التي laquo;باضتraquo; لها صفقات مليارية أخرجت مصانع الأسلحة فيها من ركودها.
وهنا يذهب البعض إلى القول أيضا ان إيران هي الدجاجة التي تبيض ذهبا لأميركا، خصوصا في ظل الكساد الاقتصادي الذي تعاني منه الآلة الصناعية في الولايات المتحدة.
فالعطس، والزكام، والدواء، والدجاجة، والذهب، في الواقع ليست سوى laquo;العناوينraquo; التي تغلف حقيقة الصراع الأميركي الإيراني على منطقة الخليج وسباق التسلح في المنطقة الذي تتصاعد وتيرته بشكل متسارع في الفترة الأخيرة مع الاعلان عن آخر صفقتين بشراء الإمارات والسعودية نظم دفاع مضادة للصواريخ وطائرات مقاتلة من الولايات المتحدة.
ويرى المراقبون ان مسارعة دول الخليج للتسلح ليس الا دعما لصناعة الحرب الأميركية خصوصا ان الولايات المتحدة تعيش ظروفا اقتصادية صعبة.
ويعتبر البعض أن صفقة تزويد السعودية بـ84 طائرة مقاتلة اميركية بلغت قيمتها 29.4 مليار دولار لن تسهم في احداث تفوق عسكري لصالح الخليج ضد ايران التي جعلتها أميركا عدوا يهدد أمن الخليج، وانما ستوفر هذه الصفقة 3.4 مليار دولار سنويا و50 ألف وظيفة في الولايات المتحدة.
ويرى الخبراء العسكريون ان مدة تسليم الطائرات التي ستمتد إلى نحو 10 سنوات، طويلة بما يكفي لاستفادة الصناعة الحربية الأميركية في مقابل انتظار السعودية أعواما لتسلم هذه الطائرات واشهرا حتى يتم التدريب عليها.
واذا كانت النية ردع ايران، فان الأخيرة أعلنت أخيرا امتلاكها أسلحة محلية مطورة، وفي حال نشب صراع عسكري بين ايران ودول الخليج فلن تنتظر طهران موعد تسلم السعودية والامارات للأسلحة الأميركية.
هنا يرى المحللون ان صفقات السلاح الأخيرة ليست مبررة، لا من حيث التهديد الذي يفترض أن تواجهه ولا من حيث الامكانات البشرية والفنية القادرة على التعامل مع هذا السلاح.
وفي سياق متصل، ستبدأ عملية تطوير مقاتلات إف-15 التي لدى السعودية في 2014 وستتسلم المملكة اولى المقاتلات الجديدة في 2015.
أما الامارات التي تستعد لامتلاك أنظمة رادارات وأنظمة لاعتراض الصواريخ، بمقتضى صفقة بلغت قيمتها 1.96 مليار دولار ستكون اول دولة في العالم تتزود بهذا النظام. ويأتي هذا العقد في اطار مشروع للرئيس الأميركي باراك اوباما لاقامة منظومة صاروخية في الشرق الاوسط لما وهو ما يطلق عليه laquo;مجابهة التهديد الصاروخي الايرانيraquo;.
لكن لمن سيعود ميزان القوة العسكرية بعد امتلاك دول الخليج أسلحة ضخمة ومتطورة جدا؟ يجيب الخبير العسكري الاستراتيجي اللواء المتقاعد صابر السويدان بالقول ان laquo;دول مجلس التعاون قاطبة ليس لديها ما يكفي من امكانات عسكرية تضاهي القدرة العسكرية لإيرانraquo;.
وبعد أن صرحت ايران أن laquo;البحرية الايرانية ستجري تجربة على عدة أنواع من الصواريخ بما في ذلك صواريخها طويلة المدى بالخليجraquo;، فسر بعض المراقبين الايرانيين أن سياسة التسليح في ايران ماضية بوتيرة أسرع من قبل وهي تمتلك أنظمة متطورة ولها كوادر عسكرية مدربة جيدا على استخدام المعدات الجديدة. لكن اذا تفوقت ايران في هذا الجانب لا تسطيع دول الخليج بمحدودية جيوشها أن تواكب محليا التكنولوجيا الحربية الا بواسطة كودار قوات التحالف.
أما على المستوى الدفاعات الجوية، فليست هناك معلومات دقيقة لكن يمكن فهم الفرق عبر تصريحات مسؤول عسكري ايراني أخيرا يؤكد فيه أن الاسطول الحربي الايراني يسيطر بالكامل على الخليج و يراقب بانتباه حركة حاملة الطائرات الأميركية ويمتلك بعض سفن الدفاع الجوي ومنصات للصواريخ.
هذه التصريحات عكست قدرات ايران ما دفع دول الخليج الى شراء أسلحة لمضاهاة هذه القوة. لكن هل تعديل ميزان القوى ممكن؟
قال بعض المراقبين ان النفوذ الايراني بالعراق تعزز بعد انسحاب الجيش الأميركي ما دفع الى التفكير بشكل ما في تحالف مشترك على أساس التقارب العقائدي. فرضية تحالف ايران مع العراق تجزع دول الخليج خصوصا وان قدرات الدولتين العسكرية والبشرية تفوق بكثير دول مجلس التعاون مجتمعة.
الى ذلك بدأ العراق في تعزيز قدراته العسكرية وهذا ما سيعيد الهاجس من العراق القوي.
فقد وصفت صحيفة بريطانية برنامج تسليح القوات العراقية بأنه الأكبر في المنطقة. وذكرت laquo;التايمزraquo; اللندنية أن laquo;الولايات المتحدة تعتزم تسليح القوات العراقية بالدبابات والطائرات المقاتلة والاسلحة ذات التقنية العالية التي تقدر بمليارات الدولاراتraquo;.
وذكرت الصحيفة أن عام 2015 سيشهد وصول طلبية العراق من الطائرات المقاتلة من طراز (اف 16) وطلبية الدبابات طراز (140) للمشاة كما تترقب قوات البحرية وصول أول سفينة دوريات من أصل أربع سفن زنة (450) طنا من مناشئ ايطالية بحلول نوفمبر المقبل.
ويذكر أنه من غير المسبوق في قرار الولايات المتحدة إجراء صفقة بيع أسلحة ضخمة ما قيمتها 36 مليارا دولار،(مصر 13 مليار، ودول مجلس التعاون الخليجي الست 20 مليارا، إضافة إلى تعزيز مساعدتها لإسرائيل بـ30 مليار دولار. ويبدو أن الولايات المتحدة حافظت على أن يكون ميزان القوى العسكرية في الشرق الأوسط لصالح اسرائيل في البداية ثم دول الخليج كمنطقة واجهة لحرب قد تديرها أميركا.
وبعد اتمام الصفقات الأخيرة، لم تسمع اتهامات متبادلة سواء من الدول العربية أو من الدولة العبرية خصوصا وأن تلك الصفقة تتضمن أسلحة متطورة جداً، كـ (طائرات مقاتلة متطورة من طراز(اف 22) الشبح والبعيدة المدى، وقنابل ذكية، ونظم حاسوب، بالإضافة إلى سفن وصواريخ).
ووصفت بعض الصحف الأجنبية (البريطانية والأميركية خصوصا) أن استراتيجية تسليح بعض دول المنطقة قد دخلت منحىً جديدا. فالهدف غير المعلن من هذه الصفقات والمعونات ليس تغيير التوازن العسكري بين إسرائيل وجيرانها العرب، بل هو مساعدة الحكومات في المنطقة للتعامل مع ما اعتبرته وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس التهديد الإيراني الأكبر الذي يواجه الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط.
أما الهدف المعلن من هذا التسليح فيكمن في استمرار دعم واشنطن لحلفائها والتزام منها تجاههم. لذلك لعبت الدول العربية المعتدلة دورا حيويا يتمثل في المساعدة في استقرار العراق والمنطقة. وتعتبر الولايات المتحدة أن تسليح الدول العربيّة الخليجيّة في وجه إيران أمر لا بد منه.
ويبدو ان أطماع الشركات الأميركية بتسويقها للأسلحة في سنوات الكساد الاقتصادي الاميركي، بدأت تتزايد وفي ذلك لا ترى إدارة أوباما، كما سابقاتها، بدا من فزاعة الخطر الإيراني، فالدعاية الأميركية ما فتئت تعمل على تحريض دول الجوار وإثارة الهواجس لديها، وقد اختارت لذلك توقيت المناورات الإيرانية، من أجل السعي إلى تمرير صفقاتها ومشاريع عسكرة المنطقة وتحريض بعضها على بعض وإثارة عدم الاستقرار فيها لتعويض فشلها بالبقاء فيها.

تحديث شامل للترسانة العسكرية السعودية

نص الاتفاق بين حكومتي المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية على تزويد الثانية للأولى بـ 84 طائرة مقاتلة من نوع إف -15 المتطورة وتحديث 70 طائرة من نوع إف -15 الموجودة حالياً لدى القوات الجوية الملكية السعودية، بالإضافة إلى 70 طائرة عمودية قتالية من نوع أباتشي الجيل الثالث و72 طائرة عمودية متعددة الأغراض من نوع بلاك هوك و36 طائرة استطلاع عمودية مسلحة من نوع إي إتش 60 آي و12 طائرة عمودية من نوع إم دي 530 إف.

نظام دفاع إماراتي يجابه التهديد الصاروخي الإيراني

بموجب العقد الذي تم توقيعه بين الامارات ومجموعة لوكهيد مارتن الأميركية للصناعات الدفاعية ستُزَوَد الأولى بنظام دفاع مضاد للصواريخ يضم رادارات وأنظمة لاعتراض الصواريخ، وبذلك تكون الإمارات أول دولة تتزود بهذا النظام. ويندرج العقد فى إطار مشروع للرئيس الأميركى باراك أوباما لإقامة منظومة دفاعية في الشرق الأوسط لمجابهة التهديد الصاروخي الإيراني. وبنتيجة هذا المشروع، من المتوقع نصب أجهزة لاعتراض الصواريخ على الأرض وربطها بأجهزة استشعار للصواريخ موضوعة على سفن أميركية مزودة بنظام laquo;إيجيسraquo; للدفاع الصاروخي.

اللواء السويدان: ليس لدى دول الخليج قاطبة إمكانات عسكرية تضاهي قدرة إيران

قال الخبير الاستراتيجي العسكري اللواء متقاعد صابر السويدان ان laquo;دول مجلس التعاون قاطبة ليس لديها ما يكفي من امكانات عسكرية تضاهي القدرة العسكرية لإيرانraquo;، مشيرا إلى ان طهران laquo;باتت تصنع اسلحة جديدة بالتوازي مع تطوير قدراتها النووية.
ورأى السويدان في تصريح لـ laquo;الرايraquo; ان laquo;تسليح الخليج لا يزال غير كاف لمواجهة أي حرب ضد ايرانraquo;، مؤكدا أنه laquo;لا يمكن لدول مجلس التعاون التخلي عن قوات التحالف في الوقت الراهن، وعلى هذه الدول دعم سياسة التسليح لمعالجة خلل في موازين القوة العسكريةraquo;.
وأشار السويدان الى ان laquo;ايران اتجهت في الآونة الأخيرة الى استفزاز دول الخليج من خلال المناورات والاعلان عن تصنيع أسلحة جديدةraquo;، معتبرا ان ايران laquo;أكدت عبر المناورات الأخيرة استمرار نواياها ومطامعها في دول الخليجraquo;، لافتا الى انها laquo;مستمرة في دعم تصنيع السلاح واستيرادها من روسيا وشرق أوروبا وتصرف ما يقارب 60 في المئة من ميزانيتها على التسليحraquo;. وبين السويدان أن صفقات الأسلحة الأخيرة التي وقعتها السعودية والامارات laquo;تعتبر من المعدات المعقدة تكنولوجيا ولا بد من وقت للتعامل معها، لذلك فان الحاجة لخبرات قوات التحالف في المنطقة مهمةraquo;، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن هذه الأسلحة الجديدة laquo;هي أسلحة ردعية وليست للهجوم أي لصد أي غزو معادraquo;، مبينا ان التركيز laquo;يتجه الآن نحو سلاح الطيران ومضادات الصورايخraquo;.

المناع: إيران خدمت الغرب بتخويف دول المنطقة واضطرارها إلى تكديس كم هائل من السلاح

اعتبر المحلل السياسي عايد المناع ان laquo;ايران خدمت الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة من خلال تخويف دول المنطقة واضطرار هذه الأخيرة الى تكديس كم هائل من السلاحraquo;.
وأضاف المناع لـ laquo;الرايraquo; ان سياسة تسليح دول الخليج laquo;ليست جديدة لكن وتيرتها تسارعت نتيجية استعراض ايران في الفترة الأخيرة في اطارات مناورات قامت بها لتجريب أسلحة جديدة ما دفع دول مثل الامارات العربية والسعودية الى البحث عن ملجأ لحماية أراضيها من أي تهديد ايراني مسلح مضادraquo;.
وذكر ان صفقات السلاح التي تمت في المنطقة وخصوصا مع السعودية والامارات laquo;تأتي في اطار منظومة الردع المشترك لدول مجلس التعاون الخليجيraquo;، مبينا ان الاهتمام بتعزيز هذه المنظومة laquo;بدأ بعد موافقة زعماء الخليج على الانتقال من مرحلة التعاون الى الاتحاد الخليجي والذي يتطلب دعم القدرات العسكرية المشتركة لمقاومة أي خطر اقليمي على هذه الدولraquo;.
ولفت المناع الى أن دول الخليج laquo;من الممكن أن تكون شغوفة بالتسلح الآن أكثر من ذي قبل بسبب انسحاب الجيش الأميركي من العراقraquo;.
وأضاف ان الانسحاب الأميركي laquo;سبب في زيادة تسلح العراق من خلال الصفقة الأميركية الأخيرة والتي عدت كأكبر صفقة سلاح في المنطقة، الى ذلك ترك خروج الجيوش الأميركية داوفع كبيرة لزيادة التحالف الايراني - العراقي وخصوصا بعد ان سجل تقارب بين الجارينraquo;. وأوضح المناع أن laquo;التقارب الايراني - العراقي يخيف بقية دول الخليج التي عانت سابقة من تجربة الغزو العراقي على الكويتraquo;.
وبين أن laquo;على الرغم من رسائل التطمين العراقية، إلا انه إلى الآن لم يتم ارساء ثقة متبادلة بل ساد الحذر العلاقات بين دول مجلس التعاون من جهة وايران والعراق من جهة أخرىraquo;.
وأشار المناع الى أن التحالف الايراني - العراقي في ظل أجواء التوتر السائدة laquo;قد يدفع بدول مجلس التعاون الى تخصيص أموال طائلة لبناء جدار صد مع ايران والعراقraquo;. ورأى ان ابرام الولايات المتحدة صفقات سلاح مع كل من السعودية والامارات في هذا التوقيت laquo;يعود لرغبة واشنطن بدعم ميزانيات مدفوعاتها عبر دفع هذه الدول الى شراء الأسلحة ما سينعش الصناعة الأميركيةraquo;.

الاستراتيجية الأميركية في مواجهة التهديدات التقليدية لمنطقة الخليج

استمر الحفاظ على استقرار منطقة الخليج العربي على رأس أولويات الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي أعلنه مراراً وتكراراً الرؤساء الأميركيون معلنين عن استخدام كل الوسائل الضرورية ومنها العسكرية إذا تطلب الأمر لمنع أي قوة خارجية من محاولة السيطرة على منطقة الخليج أو تهديد أمنها. وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف ارتبطت الإدارات الأميركية المتعاقبة بعلاقات أمنية مع دول مجلس التعاون الخليجي الست (السعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات وعمان)، وفي هذا الإطار يذكر أن حوارا أمنيا خليجيا-أميركيا يعقد بشكل نصف سنوي، حيث يحضره من الجانب الأميركي ممثلون عن مجلس الأمن القومي ووزراء الخارجية والدفاع للتشاور مع المسؤولين الخليجيين حول كيفية دعم المبادرات المطروحة في ظل هذا الحوار.