أحمد الجمعة

لماذا الإصرار على المشروع الأمريكي في الديمقراطية الدينية بعد الفشل الذريع والمدوي للنموذج العراقي؟ لماذا اصرار ادارة أوباما على المضي في دعم الربيع الديني المتطرف في الساحة العربية ولنا في العراق نموذجاً دامياً يندى له الجبين؟ فبعد سنوات من تحطيم العراق تحت زعم احلال الديمقراطية وتدمير بنيته التحتية والقضاء على التيار الليبرالي العلماني، وزرع التيار الديني على حساب التيار الليبرالي، وتسليم السلطة كاملة لتيار الولي الفقيه هناك، ها هو الجيش الامريكي الذي وعد بالديمقراطية ينسحب من العراق مهزوماً محطماً تاركاً الدم والتمزق والقتلى بالمئات يومياً اضافة الى التصفيات الجسدية والاقتصاد المدمر والبنية التحتية المضروبة والشلل السياسي والفراغ الدستوري، بل والأدهى من ذلك هو ضرب التيار الليبرالي الامريكي نفسه لحساب التيار الديني الايراني، فقد ازاح المالكي بدعم امريكي تيار أياد علاوي مقابل توسيع قاعدة التيار الموالي لإيران فهل هذا هو النموذج الأمريكي للديمقراطية التي تريد ولاية أوباما ان تسوقه لنا في المنطقة؟ ان فشل النموذج العراقي بمرتبة الشرف يستدعي مراجعة الجميع للمشروع الامريكي الذي بشر بالديمقراطية، وهو ذات المشروع الذي بدأته إدارة المحافظين الجدد بقيادة الرئيس الامريكي السابق جورج بوش، ولكن بعد تعديله من قبل ادارة الديمقراطيين المتزمتين على أيدي ادارة الرئيس أوباما، أصبح هذا المشروع كارثة على المنطقة، وأمام واشنطن خيار تعديل هذا النموذج بسحب ثقتها من نظام حزب الدعوة في العراق الذي يمثله المالكي وحلفائه من الأحزاب الشيعية المتطرفة ومعهم بعض الوصوليين من الأكراد الذين ليس لديهم وازع اخلاقي حينما سحبوا انفسهم من الغطاء الوطني والقومي وارتموا في حضن المالكي لمجرد مكاسب آنية، وكل هذا يصب في النهاية في الفشل الذريع للمراهنة على الديمقراطية التي جاءت على ظهور الدبابات الامريكية الى العراق. لا انكر شخصياً في بداية الحرب على العراق أنني كنت متعاطفاً مع الدعوة لدمقرطة العراق بعد عقود من حكم حزب البعث العراقي، ولكن بعدما رأيت النتائج المدمرة والأصابع المشبوهة وبعدما دمرت الحضارة العراقية المشهود لها بالعلمانية والليبرالية، وبعدما دمر الجيش العراقي بالكامل والبنية التحتية، وتم تمزيق الوحدة الوطنية وتهميش السنة واقصاء القوميين ودحر العرب والوطنيين لصالح احزاب الدعوة الايرانية، كل ذلك سقط وسقطت معه الاقنعة، ما عدت أثق بواشنطن حتى لو حكمتها الملائكة. ان النتائج والتداعيات للنموذج الديمقراطي على الطريقة الامريكية في العراق يجعلنا نكفر لا بالنموذج العراقي فحسب، بل بكل نموذج في الكون تقف وراءه واشنطن، فمن غير المرجح ان نصدق او نثق في الدور الامريكي بدعم الديمقراطية ونحن نرى النتائج على الارض مباشرة في النموذج العراقي الذي نعاه ورثاه الجمهوريون مؤخراً حينما رأوا في الانسحاب الامريكي مؤخراً وما تبعه من سفك للدماء وتفجير للشوارع والمباني والبشر هو الفشل بعينه وبالتالي لابد من الاعتراف بخسارة المشروع الديمقراطي على الطريقة الأوبامية، فحتى على ايام الرئيس الامريكي جورج بوش لم يصل الأمر في الكارثية الى ما هو عليه اليوم في ظل إدارة الديمقراطيين، وهذا ما يجعلنا نترحم على ايام بوش برغم كل ما حمله معه من نتائج. لماذا اصرار الادارة الامريكية الحالية على تسويق نموذج العراق في المنطقة رغم فشل هذا المشروع بامتياز؟ لماذا تدعم ادارة أوباما الأحزاب والمنظمات الدينية المعادية للديمقراطية عل غرار حزب الدعوة في العراق والوفاق في البحرين مع علمها بان هذه الاحزاب ما هي الا امتداد لحزب الله في لبنان؟ ما هذا التناقض الفاضح بين اعتبار حزب الله اللبناني حزب ارهابي ودعم مثيله في البحرين والعراق والخليج؟ هذه الاسئلة تعجز واشنطن على الرد عليها وتتجاهلها وترفض حتى مناقشتها وربما لهذا علاقة بخسارة الانتخابات القادمة لو جرى طرح هذه الموضوعات اليوم. الخلاصة هي ان واشطن انسحبت من العراق بعد فشل مشروع الديمقراطية هناك، وفي نفس الوقت تصر على تصديره لبلدان اخرى رغم النتائج الكارثية التي جرها النموذج الفاشل في العراق. لماذا هذا الاصرار؟