زياد الدريس

الذين يستمعون إلى laquo;إذاعة الشرقraquo; من باريس أو يطالعون فضائية وصحيفة laquo;المستقبلraquo; اللبنانيتين سيستحضرون دلالة العنوان أعلاه، المنحوتة من المقولة الاعلانية المتكررة: laquo;الحقيقة... لأجل لبنانraquo;، أي البحث المضني منذ سنوات عن الحقيقة التي تقف خلف اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وما زالت الحقيقة مستعصية على التحقق!

***

لعقود طويلة، ظلت سورية تتحكم في استقرار وعدم استقرار لبنان، وفي أمن اللبنانيين وخوفهم.

في ما قبل الحرب الأهلية اللبنانية كان السوريون يعلنون تبعية لبنان لهم على استحياء. في ما بعد الحرب، أصبح اللبنانيون يعلنون رفض تبعيتهم لسورية على استحياء!

شيئاً فشيئاً تساقطت الوطنية اللبنانية في أحضان سورية. والذين رفضوا التساقط في أحضان سورية كان يجب أن يسقطوا في أحضان شوارع بيروت المفخخة... كما سقط الحريري.

كان laquo;حزب اللهraquo; في البداية هو الذراع السورية في لبنان، ثم مع الأيام وخصوصا بعد laquo;بطولاتraquo; عام 2006، تحول laquo;حزب اللهraquo; من ذراع سورية إلى جسد سوري، لكن بملامح لبنانية.

كاد اللبنانيون الأحرار، القلائل الذين بقوا، أن يستسلموا للهيمنة السورية ويشاركوا في تشييع السيادة اللبنانية التي تم اغتيالها في رموزها. لكنّ تحولاً جديداً في الأرض السورية بعث الأمل من جديد في لبنان. الشعب السوري يتحرك لاستعادة وطنيته المحتكرة ويكسر هيبة النظام الوحشي الرابض على قلب المنطقة. السوريون الأحرار يتصدون ويصمدون في وجه laquo;جبهة الصمود والتصديraquo;، حين انكشف أن الصمود والتصدي ليسا ضد اسرائيل بل ضد الشعب السوري واللبناني والعربي!

***

الآن، وبعد عام التحولات الكبرى، يوشك التحكم السوري المزمن بمصير لبنان أن يتحول إلى تحكم لبناني أو على الأقل شراكة لبنانية في تحديد مصير سورية... فسبحان مقلِّب الأحوال!

سورية دولة مؤثرة بتاريخها وجيوبوليتيكيتها دوماً، وستظل كذلك حتى بعد التغيير المرتقب، ولذا فالكل يريد أن يشارك في صنع مصير سورية الجديد... حتى لبنان، الذي يدرك أن المصير الجديد لسورية هو تلقائياً مصير جديد للبنان.

هذا المصير الجديد لن يتقوقع داخل الأراضي السورية بل سيمس العراق المختطف وفلسطين القادمة. إنه تأثير يمتد من طرفي المعادلة الغربية المتأرجحة أو المترددة في: ويلي منك وويلي عليك، أي من إيران إلى إسرائيل.

هل هذه الأعراض الجانبية الكثيرة والعميقة هي التي تجعل الجامعة العربية تتباطأ في معالجة الداء السوري؟!

لكن كيف لها أن تتباطأ وهي تسمع أنين الشعب السوري الذي يُقتل كل يوم، وصيحات الشعوب العربية التي أوجعها هذا الأنين؟!

ألن يأتي الربيع السوري إلا بعد أن تمتلئ شوارع المدن السورية بالأزهار المتساقطة؟

رحماك ربي بهم.

***

موت الحريري هزّ المنطقة...

موت البوعزيزي هزّ المنطق!