جاسر عبدالعزيز الجاسر

لم يعد الأمر مقبولاً أن تستمر الأوضاع في اليمن على الحالة التي هي عليه والتي تتجه إلى الانحدار نحو الأسوأ.

إثر توقيع المبادرة الخليجية من قبل الرئيس علي عبدالله صالح وتصديق أطراف النزاع في نفس حفل التوقيع على تنفيذ آلياتها وبعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني وبدء لجنة إزالة التعديات وإنهاء التجاوزات العسكرية، انتعشت الآمال بتعافي اليمن، وأن مراحل تنفيذ آلية المبادرة الخليجية تتم وفق ما حدد لها في مواقيت متدرجة، إلا أن كل هذه الآمال أخذت بالتقلص فاسحة المجال أمام اتساع مساحة التشاؤم إثر نجاح المتشددين في أطراف النزاع من أخذ المبادرة لتعطيل الحل، وبدا واضحاً أن المتشددين ممن كانوا بيدهم السلطة هم الأكثر قدرة على تأخير الحل وتعطيله وربما نسفه تماماً، مقابل استغلال الطرف الآخر لإجراء تغيرات تخل بالتوازن المطلوب وصنع فوضى من خلال إجبار عدد من المسؤولين ومدراء الإدارات العامة والهامة على مغادرة دوائرهم بحجة الفساد حتى وصل الأمر إلى طرد مديرات المدارس من مواقعهم، إضافة إلى استغلال عملاء الأجندات الخارجية كالحوثيين وتنظيم القاعدة لفرض أمر واقع بعضه بمساعدة طرفي النزاع ومنهم من لا يزال على رأس السلطة حتى أصبح اليمن عدة حكومات، حكومة يديرها الرئيس علي عبدالله صالح وأعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام وما يسمى بالحرس القديم بتشكيلاته العسكرية والأمنية والسياسية، وحكومة الوفاق الوطني التي يديرها محمد باسندوه وتحظى بدعم نائب الرئيس الذي يحكم بصلاحيات الرئيس وإن لم تُفعّل، وحكومة يديرها الحوثيون تخضع لها محافظات صعدة وما حولها وتسعى للتمدد حتى الوصول إلى سواحل البحر الأحمر، وحكومة أو سلطة يعمل تنظيم القاعدة على فرضها في زنجبار وضواحي عدن.

هذا واقع اليمن السياسي والجغرافي الذي يقول رئيس حكومة الوفاق الوطني محمد باسندوه بأن حكومته ورثت خزينة فارغة ولهذا فإنه يطلب من المملكة ودول الخليج العربي مساعدة اليمن والسؤال الذي لا يعرف أحد الإجابة عنه، إذا ما خصصت المملكة ودول الخليج العربي مساعدات لليمن فلمن تسلم هذه المساعدات؟ ولأي حكومة؟ حكومة الحرس القديم التي لا تخضع لعبد ربه منصور ومحمد باسندوه؟ أو لحكومة الوفاق الوطني التي لا حول ولا قوة لها؟ أم للحوثيين؟ أم لتنظيم القاعدة؟!!