الوطن السعودية

الملف السوري يتطور بسرعة كبيرة ولافتة في عدة اتجاهات، أهمها مسألة التدويل ونقل الملف لمجلس الأمن، وهو المطلب الذي أعلنه برهان غليون رئيس المجلس الوطني عدة مرات، ومؤخرا أعلنه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عشية زيارته للمملكة والتي تناولت المباحثات فيها عدة ملفات منها الملف السوري، حيث أشار كاميرون إلى أن بريطانيا مستعدة لطرح الملف السوري على مجلس الأمن، وهذا يعد نقلة كبيرة، حيث إن إعادة طرح المسألة مع وجود التحفظ الروسي والصيني سيظل علامة استفهام كبيرة حول اتجاه تصويت الدولتين اللتين ستفقدان الكثير من خلال معارضة القرار، وهنا يأتي دور الجامعة العربية وأهمية أن يكون موقفها متوائما مع الذهاب لمجلس الأمن، وهو الأمر الذي لا يزال محل نظر الجامعة وعدم اتفاقها.
جدير بالذكر أن مجلس الأمن لا يحتاج لموافقة الجامعة العربية لكي يطرح المسألة للتداول، فمجلس الأمن يملك الولاية الكاملة لطرح قضية التدخل في سورية، حيث إن المجلس هو الهيئة العالمية الأولى المخولة في قضايا الأمن والسلام طبقا لميثاقها، ولكن حساسية المسألة وأهمية إيجاد إجماع دولي وإقليمي حولها يمثل الضمانة الأهم لإنجاح أي قرار في هذا الموضوع، ولذلك يعود العبء مجددا على الجامعة العربية لطرح المسألة رغم عدم تأييد غالبية الدول العربية لمسألة التدخل الدولي.
نقطة الخلاف الرئيسة الآن هي موضوع المراقبين العرب، فالخلاف القائم اليوم هو مدى نجاعة عمل بعثة المراقبين، والتي يعترض عليها كل من الحكومة السورية والثوار، وقيام عدد من الشبيحة مؤخراً بالاعتداء على المراقبين العرب خلال عملهم يظهر بجلاء أن النظام يسعى لإفشال المهمة وإدخال الجامعة العربية في أزمة أخرى بسببهم، وهي أزمة تظهر بوادرها اليوم في أروقة الجامعة، حيث لا يزال العرب عاجزين عن الاتفاق على الخطوة القادمة تجاه التعامل مع الأزمة السورية.
جمعة الجيش الحر الأخيرة وازدياد الانشقاق في صفوف الجيش السوري كلها دلائل تؤكد أن السوريين يتوجهون داخليا لحمل السلاح ونقل ثورتهم لمستوى آخر يتضمن صراعا عسكريا، وهو ما يجعل مسألة التدخل الدولي أكثر قربا، كمحاولة لإنقاذ سورية من حرب أهلية سيكون لها انعكاسات سلبية على المنطقة بأكملها، في المقابل يظهر هذا الأمر أن النظام العربي ربما أصبح بحاجة لخلق نمط جديد فيما يخص التعامل مع مثل هذه الأزمات، وربما تكون دعوة أمير قطر حول ضرورة أن يكون هناك تدخل عسكري عربي مؤشرا واضحا على أمر ربما آن للعرب أن يتنبهوا له، فعدم قبول التدخل الدولي العسكري لا يعني أن التدخل العسكري العربي أمر مستبعد.