علي حماده


كان واضحا من خلال الخطاب الاخير لبشار الاسد ان الحرب بين الشعب والنظام في سوريا صارت مفتوحة، وان المرحلة المقبلة ستشهد تصعيدا كبيرا على الارض. من هنا اعتبار مراكز القرار الدولي ان الطرفين على الارض يتحضران لمواجهة واسعة النطاق ودموية، يمكن ان ترفع أعداد الضحايا الى مستويات قياسية لم تشهدها الثورات التي سبقت الثورة السورية. وإذا كان عدد الشهداء الذين سقطوا برصاص النظام في سوريا تجاوز الخمسة آلاف بحسب أرقام الامم المتحدة، فإن المرحلة المقبلة التي بدأت مع خطاب بشار الاسد أخيراً يمكن ان تشهد سقوط خمسة الى عشرة آلاف مدني آخر مع اتخاذ النظام القرار بمحاولة الحسم عسكريا وامنيا. وحتى الساعة، لم يُعرف مضمون الخطة التي يقال إن الحلقة الضيقة حول بشار اعدتها لكسر الثورة. ولكن قياساً على التجارب السابقة في دول أخرى، يمكن الزعم ان النظام سيقدم على محاولة اجتياح مدينة حمص بكاملها، علما ان الجيش النظامي يضم اعدادا كبيرة من الجنود الضباط المتوسطي الرتبة من محافظة حمص، ومعظمهم لا يزال قيد الاحتجاز. وهؤلاء مؤهلون لتنفيذ انشقاقات في الجيش.
على مستوى آخر، تقول المعلومات المتوافرة من اوساط واسعة الاطلاع في الحكومة التركية ان القيادة الروسية اتخذت قرارا يقضي بمنع سقوط النظام في سوريا، أياً تكن التكلفة. وفي هذا المجال تعتبر المصادر عينها أن موسكو ابلغت الاميركيين ان اي حل في سوريا ينبغي ان يشبه في حده الادنى الحل اليمني، على قاعدة ان يتم تغيير في النظام بدلا من تغيير النظام نفسه. بمعنى آخر، أن يكون بشار الاسد جزءا من الحل في مرحلة انتقالية يتمخض عنها قيام ائتلاف حاكم، شريطة عدم تصفية البنية الامنية والعسكرية للدولة. في المقابل تعتبر القيادة التركية ومعها الادارية الأميركية في ضوء المحادثات الاخيرة التي اجراها رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان مع الرئيس الاميركي باراك اوباما ان المرحلة المقبلة يجب ان تشهد جهدا حاسماً لتوحيد المعارضة السورية، ودعم الجهد لزعزعة البنية العسكرية والامنية للنظام بخطة لتوسيع الانشقاقات. وفي هذا المجال تؤكد المصادر التركية ان معظم الدول العربية المعنية ولا سيما الخليجية باتت تعتبر نظام بشار الاسد من الماضي، وتريد وتيرة أعلى من العمل لتحقيق التغيير في سوريا، وتعتبر ان العمل من خلال مجلس الامن يجب ألا يكون الطريق الوحيد للتغيير في سوريا. وفي المرحلة الاخيرة صار لفكرة التدخل العسكري غير المباشر في سوريا أنصار في الفريق العربي المعني بالازمة.
في حسابات المجتمع الدولي صار بشار الاسد من الماضي. وفي التقويم الموضوعي يعتبر الاسد الابن قائدا لفريق في سوريا في حالة حرب، ويستحيل عليه ان يحكم سوريا مرة أخرى. لقد سقطت quot;جمهورية حافظ الاسد quot; في الخامس عشر من آذار 2011، والدم الذي يراق في سوريا هو الثمن المؤخر لاربعة عقود من عصر آل الاسد الاسود!