محمد السعدنى

لعل من أهم نتائج ثورةrlm;25rlm; يناير التي سيكون لها آثار بعيدة المدي تلك الانتفاضة وهذه الصحوة المباركة للأزهر الشريف الذي بدا جاهزا لاستعادة دوره وحيويته ليس فقط بصفته المؤسسة الدينية الاسلامية الرسمية والشعبية في مصرrlm;,rlm;


ولكن ايضا باعتباره المرجعية الاسلامية التاريخية لأهل السنة النبوية المطهرة في مشارق الأرض ومغاربها ممثلا لوسطية الاسلام وجوهره وسماحته وانفتاحه علي العالم.
عودة الأزهر الي دوره الأصيل بقيادة العالم المستنير الامام الأكبر الدكتور احمد الطيب ومعه نخبة من العلماء الأجلاء من اصحاب الفكر الاسلامي الوسطي السمح يؤشر الي نهاية عصور مظلمة اضمحل فيها وتراجع دور هذه المؤسسة الاسلامية التي كانت منارا للعالم الاسلامي ومنهلا للعلم الفقهي المعبر عن الأصول الاسلامية الصحيحة بعيدا عن دعاوي التكفير والتشدد والتطرف الذي اصاب شباب الأمة المصرية والعربية والاسلامية في ظل الحكام المستبدين الذين عملوا علي ترسيخ اساليب القمع السياسي باسم الدين, والدين منهم براء.. ومن أسف أن هذه المؤسسة العريقة قد أصابها الوهن في فترات طويلة من تاريخها الحديث بعد ما سمحت لبعض من علمائها بأن تجرفهم الأطماع الدنيوية المحدودة بتطويع علمهم الديني والفقهي في خدمة سياسات فاسدة اضرت بالمجتمع وأدت الي ما وصلنا اليه من تدهور في جميع المجالات باستغلال التدين الفطري لجموع الشعب المصري.
ولعل من أخطر النتائج التي اسفرت عنها عصور تراجع دور الأزهر ومهادنته للحكام أن ازدهرت ثقافات وعادات تنتسب الي مذاهب ومرجعيات اسلامية غريبة عن الطبيعة المصرية المتسامحة في محاولات مستميتة لملء الفراغ الكبير الذي تركه تراجع الأزهر, وانتشار مجموعات الاسلام السياسي التي تفرعت عنها جماعات العنف والتكفير والارهاب التي عانت منها مصر كثيرا, وبعد هدوء عاصفة الارهاب أخذت القوي الاسلامية ذات المرجعيات الدينية المنشقة عن الأزهر الشريف في التنامي والتوسع تحت سمع وبصر الدولة المصرية دون أدني محاولة لفهم ما يجري ومدي تأثيراته السلبية علي المدي المتوسط والبعيد.. وتنوعت المرجعيات الدينية المصرية طبقا لهذا الانشقاق أو ان شئنا الدقة ز التمرد ز علي مؤسسة الأزهر والذي أدي الي تراجع قيم التسامح التي كانت السمة المميزة للمصريين علي مدي عصور طويلة منذ الفتح الاسلامي والتي كانت مثار اعجاب العالم ومصدر فخر المصريين من خلال وحدتهم الوطنية وتدينهم الفطري الكامن في الأعماق وليس ذلك التدين الذي يعتمد علي الشكل اكثر مما يهمه الجوهر.
عودة الأزهر الي دوره الريادي لن يكون بين ليلة وضحاها, ولكن ها هو الامام الأكبر الدكتور الشيخ أحمد الطيب ذلك الموسوعة المنفتحة علي كل ثقافات العالم قد بدأ رحلة استعادة الدور الحضاري للمؤسسة الدينية الاسلامية الأكبر في العالم الاسلامي والتي تحظي باحترام وتقدير العالم المسيحي.. ولعل المصريون كانوا الأكثر دهشة لهذه الديناميكية المتحضرة التي بدا عليها شيخ الأزهر وتلك المبادرات التي تبناها مع العلماء الأجلاء للوصول الي السيناريوهات التي تتناسب مع طبيعة المصريين للخروج من هذا المأزق الحرج الذي وصلت اليه البلاد وهي علي مشارف الذكري الأولي للثورة.
ولعل مصدر دهشة المصريين أن الأزهر كان علي قدر الحماس الثوري لشباب يناير ولكن مع حكمة الشيوخ والعلماء من جانب, وخبرة السياسيين والمفكرين والمثقفين من جانب آخر.. والآن يقف الأزهر بحكم مسئوليته التاريخية واحساسه بعظم الدور الذي يمكن أن يلعبه علي مسافة واحدة من جميع القوي السياسية مدركا حجم الخسارة الكبيرة التي يمكن أن تتعرض لها البلاد اذا ما وصل التناحر بين التيارات المختلفة الي الطريق المسدود..
وفي اللقاء الأخير الذي استضافه الأزهر بمشاركة قداسة البابا شنودة الثالث و60 من كبار السياسيين ورجال الأحزاب, كانت المطالبات الأكثر تعبيرا عن روح الثورة المصرية من خلال الدعوة الصادقة لاستعادة هذه الروح العظيمة التي تحاول بعض القوي اغتيالها وتشويهها من خلال تصور انهم الوحيدون الذين يعبرون عن الثورة, وهو تصور واهم وغير حقيقي, حيث تجري المحاولات لاقصاء الآخرين في تناقض غريب مع أهداف ثورة يناير.
روح الثورة المصرية هي في الوفاء بتعهدات المجلس الأعلي للقوات المسلحة بتسليم السلطة في نهاية الجدول الزمني اول يوليو المقبل, والي حين هذا الموعد واجب علي كل المصريين ان يكونوا علي قدر من الوفاء والعرفان والتقدير لقواتهم المسلحة التي تحملت عبء حماية الثورة في بداياتها.. واعلم جيدا ان الكثيرين من الشباب يستخفون من مثل هذه الرؤية, الا ان الحقيقة انه بدون القوات المسلحة, ما كانت قد نجحت الثورة, وما كان الثوار ليرفعون اليوم رايات الانتصار.
روح الثورة المصرية التي نريدها والتي عبر عنها لقاء الأزهر هي في الإفراج عن المعتقلين السياسيين تواستعادة مصر دورها الريادي علي الصعيدين الإقليمي والدولي روح الثورة المصرية هي في سرعة المحاكمات بما لا يخل بالحق في المحاكمة العادلة, مع استكمال الوفاء بحقوق أسر الشهداء والمصابين في العلاج والتعويض والعمل والرعاية التامة, والمضي قدما في البناء الديمقراطي لمؤسسات الدولة والالتزام بما أسفرت عنه الانتخابات النزيهة الحرة من نتائج والتعاون بين شباب الثورة وممثلي الشعب المنتخبين في بناء مصر المستقبل تحت مظلة الديمقراطية وعلي أساس من الشرعية البرلمانية والتوافق الوطني والقضاء علي آثار السياسات القمعية والفساد الشامل, ورعاية كل مكونات الوطن, دون غلبة أو هيمنة أو إقصاء أو انحياز وتحقيق العدالة لجميع أبنائها.
هذه هي روح الثورة المصرية التي يعمل الأزهر الآن مع الكنيسة القبطية وكافة القوي السياسية والمدنية المخلصة لتحقيقها من أجل وضع مصر علي بداية الطريق الي مصاف الدول الكبري رغم أنف الحاقدين.