يوسف الكويليت

هل يمكن إرسالُ قوات عربية لسورية، وكيف سيتم تشكيلها وقياداتها والصرف عليها؟

نقدّر للشيخ حمد بن خليفة آل ثاني دعوته لحماية الشعب السوري، صحيح أنه في فترات سابقة طلبت حكومات الكويت والأردن، ولبنان مثل هذه الدعوة لكن في ظروف مختلفة، وذهبت بشكل استدعى هذا التواجد، لكن في الشأن السوري فالأمر مختلف تماماً، فإذا كان ما يزيد على مائة مراقب لم يستطيعوا الحصول على القبول، وتتم مضايقتهم وإطلاق النار على بعضهم، فكيف ستقبل بتواجد عسكري عربي لا توافق عليه؟!

لا نعتقد أن طبيعة الوضع السياسي العربي تسمح بتشكيل أي قوة تدخل سريع سواء في سورية أو غيرها، لأن القناعات مختلفة، ولايمكن أن تقبل السلطات التضحية بأبنائها في أجواء محتدمة هناك، ثم إن السلطة في سورية ستتعامل مع أي جيش يدخل في مواجهتها، على أنه قوة تدخل واحتلال، وليس هناك قانون أو تشريع وافقت عليه دول الجامعة العربية، حتى مفهوم الدفاع المشترك الذي يعد أحد بنود نظام الجامعة بقي ضبابياً، وإن كان موجهاً ضدّ أي اعتداء خارجي، لا تدخلاً في شؤون دولة عربية..

قرارات اجتماعات الدول العربية التي سبقت إرسال الإنذارات بما في ذلك إبعاد عضويتها من الجامعة وسحب السفراء، والمقاطعة، ثم الاتفاق على بعث المراقبين، اختُلف حول العديد من هذه القرارات، والفرق بين اللهجة الساخنة، والموقف الثابت أن سورية نفسها لم تُعط الأهمية الكبيرة لقرارات الجامعة تلك لأنها تعرف مدى عجزها، وانقسام أعضائها، وبالتالي فعملية أن تأتي دعوات بفك الحصار عن قتل الشعب السوري لا تتم بوصفة عسكرية، لأن احتمال رفضها وارد، وربما هذه المرة بالإجماع، ومخاطرها أكبر من طرح فكرتها..

تبقى الحلول الأخرى من ترحيل الملف إلى مجلس الأمن، وهذه المرة، بغطاء عربي وهو ما يعتبر مشروعاً متأرجحاً، لأن المخاوف أن يكون ذلك ذريعة لتدخل عسكري مرفوض من قبل الشعب السوري نفسه بما في ذلك المعارضة، ويبقى تعزيز جانب الثوار بدعم مادي أو عسكري فكرة تؤكدها تركيا وبعض الدول العربية، ومع ذلك هناك من يراهن على أن الأوضاع في داخل السلطة بدأت تتأرجح، وقد فسرت معظم الأوساط السياسية خطاب الأسد بأنه مبالغة بالثقة، بينما كان يخفي قلقه واضطرابه الشخصي، وهذا يعني أن تركيبة الحكم لا تستطيع الاستمرار في القمع حتى لو وجدت من يناصرها، مثل روسيا وإيران، طالما تنامي المعارضة، والانشقاقات في الجيش، والضغوط الخارجية على الاقتصاد، عوامل قد تفجر الوضع من داخل النظام..

قضية ما يجري في سورية أمر معقد ويختلف عما حصل في دول الربيع العربي، ولذلك فأي مهمة تسعى لأنْ تكون عسكرية، وعربية تحديداً، لن تصل إلى غايات فك الحصار على الشعب..

الرهانات كثيرة، والقوى الكبرى تبحث عن أدوار بلا تكاليف، لأنه ليس في سورية ما يشجع على امتيازات ما، مثل نفط ليبيا، ولا التعامل مع مصر كقوة إقليمية كبرى، وعدا وجود حدود يُخشى أن تلتهب بين سورية وإسرائيل، وهو الاحتمال الضعيف، فإن الأمور ستترك للشعب وسلطته وهذا ما استقرت عليه معظم التوجهات العربية والخارجية..