حمود أبو طالب

لم يعد ثمة شك بأن الشعب السوري الذي يناضل للخلاص من عبودية وقهر النظام منذ مارس 2011 أصبح ضحية ألاعيب السياسة وأحابيلها وحساباتها ومصالحها بين أطراف كثيرة. أصوات كثيرة ارتفعت بتحذير النظام السوري من مغبة حماقته، وتهديده بعقوبات صارمة، لكنها ما لبثت أن هدأت مع الوقت والنظام ممعن في إراقة الدم لتصل الحصيلة بداية هذا الأسبوع أكثر من 6 آلاف ضحية. بدأت تركيا بلغة الويل والثبور والوعيد، لكنها انسحبت تدريجيا من المشهد لتصبح شبه غائبة. الدول الكبرى من أمريكا إلى بريطانيا وفرنسا وألمانيا نددت بممارسات النظام السوري ورفعت عصا التهديد لكنها لم تقم بأي خطوة عملية لوقف نزيف الدم. روسيا حسمت موقفها اللا إنساني منذ البداية. الجامعة العربية خرجت عن صمتها الطويل لكنها تمخضت فولدت فأرا هزيلا هو لجنة المتابعة التي أرسلتها ليتضح أن موقفها مخجل ومزرٍ، والأكثر سوءا منه دفاع الأمانة العامة للجامعة عن هذا الموقف. وقد سئل الأمين العام السابق عمرو موسى لماذا لم تتخذ الجامعة موقفا شبيها بموقفها تجاه ليبيا فأجاب أن حساسية وضع سورية وموقعها لا يسمحان بذلك، أي أن على الشعب السوري أن يكون ضحية هذه الرؤية حتى لو أبيد..
بداية هذا الأسبوع قال الأمين العام للأمم المتحدة وهو في طريقه إلى بيروت إن لديه رسالة قوية إلى الرئيس بشار الأسد مفادها أنه فقد شرعيته ويجب أن يكف عن قتل شعبه، وعليه اتخاذ إجراءات جريئة للإصلاح قبل أن يفوت الأوان.. ولا ندري كيف يكون الرئيس فاقدا لشرعيته وفي نفس الوقت يُطلب منه تنفيذ إصلاحات، كيف يُعتبر رئيسا وغير رئيس في آن؟؟. وفي يوم تصريح الأمين العام صرح أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بأنه يتبنى مقترحا بإرسال قوات عربية إلى سورية لوقف العنف تجاه الشعب، ولا نعرف أيضا كيف يتخيل الشيخ حمد نجاحا لهذه المهمة التي غالبا لن يسمح بها النظام السوري، وإذا سمح فإنها ستكون قوة رمزية سوف laquo;يمسخرهاraquo; كما فعل بلجنة المتابعة، وسوف يستمر في مسلسله الدموي اليومي غير عابئ بها..
هذه المواقف السلبية، عربية ودولية وأممية، جعلت النظام السوري يستفحل في بطشه بقدر كبير من الثقة والطمأنينة، وسوف يستمر طالما استمرت هذه المواقف، لكنها في النهاية وصمة عار لكل العالم الذي يتفرج على واحدة من أبشع مجازر التاريخ..