محمد صالح المسفر

(1) كلما نظرت الى خارطة بلاد الشام (سورية الحبيبة) ازداد قلقا وخوفا على امتنا العربية، اخشى على وطننا العربي كله من الهلاك الذي يحرص على تنفيذه الكثير من الحكام العرب الذين لم يدركوا حتمية التغيير.
العراق ضاع منا وبارادة حكام عرب ساهموا في ضياعه بوعي او بدون وعي، السودان يسير نحو الضياع عن طريق التفكيك واعادة التركيب لصالح قوى اجنبية معادية وقياداته الحزبية والدينية منشغلة بمحاربة النظام القائم، والنظام القائم لم يدرك انه لم يقدم مشروعا يجمع الكل دون الاستبداد بالسلطة. الصومال ضاع وتفتت واخرج من اهتمامات جامعة الدول العربية بكلمة اخرى اسرائيل تتمدد وتتوسع باطمئنان في مجالنا الحيوي ونحن ننكمش، وحكامنا يصرون على ان يحكمونا او يقتلونا ولا يريدوننا شركاء في الوطن بل يريدوننا مسخرين لخدمتهم ولابنائهم من بعدهم.
جامعة الدول العربية استيقظت من غفوتها التي طال زمنها فوجدت سورية الحبيبة في كارثة، شعب يريد الحرية والانعتاق من نظام الحزب الواحد انطلاقا الى التعددية والاصلاح، ونظام يرفض ذلك ويقاوم مستخدما كل انواع الاسلحة الخفيفة والثقيلة والاغتيالات والاختطافات دون رادع او احساس بحق المواطن غير المسلح في اختيار نظام حكمه.
حاولت الجامعة العربية انقاذ ما يمكن انقاذه من الشعب السوري الذي يتعرض لحرب طاحنة يقودها نظام بشار الاسد فارسلت المراقبين العربي لتتأكد من صحة ما يقول به نظام الحكم بانه يتعرض لمؤامرة اجنبية للاطاحة به والقضاء على كل انجازات الشعب السوري كما يقولون ودون ان يقدموا دليلا واحدا على تلك المؤامرة.
انسحب البعض من المراقبين العرب لانهم وجدوا انفسهم في دوامة يصعب عليهم اداء واجباتهم بكل امانة ونزاهة وشرف، واعلنوا عن بعض ما شهدوه من قسوة النظام السياسي وجبروت مؤسساته الامنية ضد المواطنين. من هذا نستطيع القول بان مهمة المراقبين العرب في سورية فشلت بكل المقاييس وستنسحب في غضون الايام القادمة معلنة صعوبة القيام بواجباتها تجاه الشعب السوري.

(2)
في هذا السياق كان امير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني وهو من اكثر الزعماء العرب حرصا على سلامة سورية وطنا ومواطنا، والمعرفته باستحالة تحقيق انجاز عن طريق المراقبين العرب دعا الى تشكيل قوة عربية وارسالها الى سورية لحماية الشعب السوري ووقف اراقة الدماء. يرى الكاتب وجاهة المقترح، لكن هل ستقبل القيادة السورية دخول قوات عربية لحماية مواطنيها من قهر النظام السياسي وجبروته؟ لقد مررنا بتجربة في لبنان في1976 وبموافقة الحكومة اللبنانية على استقبال قوات ردع عربية على اراضيها للحيلولة دون انتشار الحرب الاهلية هناك، ومع الاسف فشلت تلك القوة العربية وتولت سورية مهامها في لبنان طبقا لقرار الجامعة انف الذكر وبقيت حتى اخرجت عام 2005.
ان الكاتب يستنتج من مقترح سمو امير دولة قطر انه ضد تدويل المسألة السورية وهذ ابلغ رد على ما تنشره وسائل الاعلام السائرة في الركب القمعي لسورية بان قطر تحرض المجتمع الدولي على نظام 'المقاومة والممانعة' في دمشق.
الامر الثاني، اذا كانت جامعة الدول العربية جادة في انقاذ ما تبقى من الشعب السوري فعليها ان تقيم ملاذات امنة للمعذبين السوريين وحمايتهم بقوة السلاح وتوسيع دائرة ذلك الملاذ.
الامر الثالث على قوى المعارضة السورية الداخلية والخارجية ان توحد مواقفها وان تترفع عن تقاسم المغانم قبل سقوط النظام، وفي حالة سقوطه فلا بد للمعارضة من ان تكون وطنية من اجل الوطن وليس من اجل تحقيق مصالح ذاتية او طائفية او حزبية او اقلية عرقية لان ذلك سيقود الى التفتيت والتجزئة للوطن كله.

(3)
يؤسفني القول ان الجامعة العربية تكيل بمكيالين احدها سوري والاخر يمني فهي مهتمة بالشأن السوري وعبث الحاكمين به. بينما الشعب اليمني يتعرض لابشع صور العذاب قتل وتجويع وتخريب بيوت وبطالة وتمزيق للوحدة الوطنية، والجامعة العربية لا تحرك ساكنا، مجلس التعاون الخليجي فشل في الزام النظام على الالتزام بما تم الاتفاق عليه دون تدخلات في شأن الحكومة الانتقالية، ما برح الشعب اليمني الثائر يطالب بحقوقه المشروعة في اختيار نظام الحكم الذي يريده والقصاص من كل من الحق الاذى بالوطن والمواطن على مدى ثلاثين عاما، ما انفك الشعب اليمني يعلن بانه ليس من حق الدول او اي نظام يمني ان يمنح الحصانة القضائية والقانونية لكل من اسى للشعب اليمني طوال الثلاثين عاما.
اخر القول: نناشد شرفاء المؤتمر الشعبي العام بان يعملوا من اجل اليمن لا من اجل المصالح الانية، كما نناشد شرفاء الجيش العربي السوري وحزب البعث انقاذ سورية من الهلاك قبل فوات الاوان.