دبي - رياض قهوجي


برهنت إيران من خلال المناورات الأخيرة التي أجرتها في منطقة الخليج العربي أنها طورت قدراتها الصاروخية، الأمر الذي يمنحها قدرات هجومية كبيرة تتطلب من خصومها البقاء على جاهزية تامة لتلافي حدوث كارثة على غرار تلك التي حدثت في ميناء بيرل هاربر إبان الحرب العالمية الثانية عندما باغتت القوات اليابانية البحرية الأميركية بهجوم صاعق رغم ادراك طوكيو حينه بمدى قوة الولايات المتحدة.

فالمسافة الفاصلة بين السواحل الإيرانية إلى الشرق والسواحل العربية إلى الغرب تضع معظم المنشآت العسكرية الأميركية في المنطقة ضمن مدى الصواريخ الجوّالة والقذائف الصاروخية الإيرانية. فإيران تدّعي أن الصواريخ الجوالة المضادة للسفن من طراز laquo; نورraquo; و laquo;القادرraquo; تتمتع بمدى يصل إلى 200 كلم. كذلك قامت ببناء الصاروخ laquo;زلزال- 3raquo; الذي يبلغ مداه 250 كلم. ويبدو أن العسكريين الإيرانيين وخصوصاً laquo;الحرس الثوريraquo; بدأوا يكتسبون المزيد من المعنويات والثقة بالنفس عند تنفيذ كل مناورة.

وبينما كان تركيز الغرب وحلفاؤه، في السنوات الماضية، على تعاظم القدرات الصاروخية البالستية الإيرانية، لم تحظ ترسانة إيران من الصواريخ الأخرى التي تعتبر بالخطورة والقدرة الفتاكة ذاتهما بالقدر الكافي من الاهتمام.

فالأنظمة الدفاعية المضادة للصواريخ البالستية المعروفة مثل laquo;باتريوتraquo; وraquo;ثادraquo; تعتبر بالكاد فاعلة ضد الصواريخ الجوالة والقذائف الصاروخية. وبدت إسرائيل عاجزة إزاء القذائف الصاروخية التي قامت إيران بتزويد laquo;حزب اللهraquo; بها، والتي استعملت لضرب المستوطنات والقواعد العسكرية الإسرائيلية خلال صيف العام 2006. واستحوذت إسرائيل مؤخراً على نظام دفاعي يعرف باسم laquo;القبة الحديدraquo; لصد هجمات القذائف الصاروخية، إلا أن هذا النظام لا يزال غير مجرب في سيناريو قتالي كبير.

ومن الممكن تقنياً لإيران أن تشن هجوماً مفاجئاً بواسطة الصواريخ الجوالة او القذائف الصاروخية على كل القواعد العسكرية الأميركية والقطع البحرية في منطقة الخليج العربي. ومن شأن هجمات مثل هذه أن تكون مميتة حقاً في حال تم إطلاق عدد كبير من تلك الصواريخ في وقت واحد وبشكل مكثف بحيث تجعل الإجراءات الدفاعية المضادة ضد القواعد والسفن الحربية غير مجدية.

فإذا ما قررت إيران إغلاق مضيق هرمز، كما لا تنفك تهدد منذ أسابيع، قد ترفق ذلك بهجوم ساحق تغرق فيه أكبر عدد من السفن الحربية الأميركية وسفن حلفائها. كما قد تضرب مدرجات القواعد الجوية والمواقع الإستراتيجية الأخرى على السواحل الغربية من الخليج العربي. وتسبب تلك الضربات بشل قدرات أعداء إيران لفترة موقتة، وبالتالي ستقتصر الجبهة الحربية البحرية على بحر عمان والمحيط الهندي. كما ستسمح لطهران بالاحتفاظ بهذا الممر الإستراتيجي مقفلاً، وتحت سيطرتها، لمدة طويلة على أقل تقدير.

وقد تستعمل ايران أيضا في ضربتها الاستباقية هجمات انتحارية بواسطة قوارب سريعة وهجمات طوربيدية في محاولة منها لإغراق أكبر عدد ممكن من السفن الحربية في مياه الخليج، لإنهاك القدرات البحرية للولايات المتحدة وحلفائها وحرمانهم من استعمال القواعد الجوية.

وقد يقوم النظام الإيراني على الأرجح بشن هجوم جريء من هذا النوع في أي وقت تجد فيه طهران أن العقوبات والعزلة الدولية التي تتعرض لها قد وصلت إلى نقطة تشعر من بعدها أن اقتصادها الوطني قد أصبح على وشك الانهيار. وبالرغم من أن مثل هذا الهجوم سيدفع واشنطن إلى رد انتقامي موسع ويضعها في مواجهة حربية مع جيرانها، فقد تجد إيران أن هذا الهجوم شر لا بد منه لاستعادة المبادرة وتعزيز وضعها الاستراتيجي. كذلك، قد تقوم إيران بشن هجوم من هذا النوع رداً على قيام إسرائيل بضرب منشآتها النووية.

إن الاعتقاد السائد بين معظم القادة الإيرانيين هو أن هزيمة ايران ممكنة فقط في حال نجاح الاجتياح التام للبلاد من قبل دولة أجنبية، الأمر الذي يظنون أنه صعب جداً وفائق الكلفة بالنسبة للولايات المتحدة في الظروف الحالية. وهم ينظرون إلى اجتياح القوات الأميركية لأفغانستان والعراق على أنها إخفاقات بالنسبة لواشنطن أنهكت قواتها. وهم يعتقدون أيضاً بأن الأزمة المالية الدولية الحالية سوف تمنع أميركا وأوروبا من شن حرب مكلفة طويلة الأمد ضد خصم قوي مثل إيران. لذا، فإن طهران ستسعى لوضع نهاية سريعة للحرب من خلال وساطة الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار الذي من شأنه الإبقاء على النظام وتقديمه على أنه بطل استطاع مجابهة القوى العالمية العظمى. فهل تقدم طهران على هكذا مغامرة وهل تصح حساباتها؟