جاسر عبدالعزيز الجاسر

في مقابل المكاسب التي لا تعد ولا تحصى من تطور العلاقات بين المملكة ومصر والتي لا تنعكس إيجابياً فقط على البلدين بل يتعدى ذلك إلى المنطقة العربية، بل وحتى السلم الإقليمي والتطور الاقتصادي في المنطقة، نرى أن هناك قوى إقليمية ودولية وحتى محلية لا تريد لهذه العلاقة أن تتطور، فهذه القوى التي لا يحتاج المراقب أو المحلل السياسي والإستراتيجي إلى جهد لتشخيصها، لأنها ترى أن مطامعها لا يمكن أن تتحقق طالما بقيت العلاقة بين مصر والسعودية قوية، فيما وجدت بعض الجهات المحلية وبالذات في مصر فرصتها في التكسب المادي على حساب مصلحة وطنها والوقوف مع أعداء مصر الذين يريدون إبعادها عن محيطها العربي والإقليمي.

لا نريد الحديث عن إسرائيل ولا إيران رغم أن لكليهما أطماعاً وطموحات في اختراق النسيج العربي وتماسكه، وهما يعرفان أن ما يحقق أهدافهما هو إيجاد شرخ بين العلاقة السعودية المصرية. وقد عملا ولا يزالان يعملان على تحقيق ذلك وبكل الوسائل، كل بطريقته وبما يخدم أهدافه التي وإن اختلفت فهما يسعيان إلى تحقيق هدف واحد يجمعهما ألا وهو تخريب أي توافق وتمتين للعلاقة السعودية المصرية لمعرفتهما أن مصر والسعودية هما قطبا الرحى في المنطقة العربية وأن أي تطور وتفاهم ما بين العرب لا يمكن أن يتحقق ما لم يضبط مساراته البلَدان المحوران الأساسيان.

هذا معروف ومؤكد لنا كعرب ومعروف لأعدائهم، وعلى أساسه نتعامل مع إفرازاته السلبية إلا أن الذي يقلق المراقب العربي أن يرى اختراقاً مبرمجاً للأوساط الثقافية وبالذات العاملة في الوسط الإعلامي بشقيه المرئي التلفزيوني والورقي الصحافي اللذين أخذ بعض (الكتاب) والمشاركين في الحوارات التلفزيونية يحاول دق أسفين في العلاقات السعودية المصرية من خلال كثرة الحديث عن (التأثير السعودي) في الحياة السياسية المصرية!! ويدللون على ذلك بعلو كعب التيار الإسلامي في مصر، وأن الأموال السعودية كانت وراء بروز السلفيين وتصدر الإخوان للانتخابات البرلمانية!!

الأكثر من ذلك (يهرف) بعض من خرجوا على الفضائيات المحلية ويزعمون بأن السعودية عرضت تسديد الأموال التي يتهم حسني مبارك بالاسيتلاء عليها وتهريبها للخارج في مقابل الإفراج عن الرئيس السابق!!

قولٌ حتى المصريين العقلاء يسخرون منه، والذي يعرف نهج وسياسة المملكة العربية السعودية ومنذ إنشائها يعي تماماً أن ليس من عادة السعودية ولا نهجها أن تتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية الشقيقة، وأن من يدعون أن المملكة تدعمهم سواء الإخوان أو السلفيين يتعارض خطهم السياسي مع نهج وأسلوب المملكة المعتمد على الوسطية الإسلامية والبعد عن التشدد كما أنه لا يمكن لأي عاقل في المملكة أن يقدم أموالاً لتعويض أموال سواء كانت مختلسة أو منهوبة من أجل عرقلة محاكمة شخص مهما كان منصبه ودوره في العلاقات السعودية المصرية، لأن ذلك من شأن المصريين وحدهم، كما أن حسني مبارك لم يكن الشخص الذي عزز العلاقات السعودية المصرية، فهذه العلاقات أزلية ولمصلحة الشعبين وإن كان مبارك له دور في وصولها إلى مستوى متقدم فإن أي شخص أو حزب أو كتلة سياسية قادمة لحكم مصر لن تخرج عن هذا الفهم وهذا التوجه لأنه في الأساس في مصلحة البلدين وصداً لأي جهات تطمع في مصر كما في السعودية.