فواز العجمي

لا يوجد مواطن عربي من المحيط إلى الخليج يرغب ويتمنى أو يعمل لـquot;تدويلquot; أي مشكلة عربية، لأن هذا المواطن يدرك أن تبعات وتكاليف هذا التدويل ستكون باهظة ومكلفة ومرهقة للوطن العربي، فأي دولة عربية تتعرض لمخاطر التدويل فإنها ستخسر أرواح الآلاف من مواطنيها ويدمر اقتصادها وتتحطم بنيتها الاقتصادية، هذا إلى جانب إمكانية غزوها واحتلالها كما حدث للعراق الشقيق وكذلك ليبيا، ففي العراق ذهب حوالي مليون ونصف المليون شهيد وشرد حوالي ستة ملايين من الشعب العراقي، يضاف إلى ذلك تدمير الاقتصاد العراقي وبنيته التحتية، وها هو العراق رغم جلاء الاحتلال الأمريكي يعاني آثار هذا quot;التدويلquot; المرعب في زرع الأشواك الطائفية والعرقية والمذهبية بين أبناء الشعب الواحد.
أما في ليبيا فقد كان للتدويل الذي فرضه الدكتاتور الراحل معمر القذافي الذي كان كرهاً لكل مواطن عربي، فقد حصد حوالي 180 ألف شهيد وجرح الآلاف ودمر ليبيا وها هي آثار التدويل لا تزال جاثمة على صدور الليبيين عندما نسمع يومياً تلك الأعمال القتالية بين أبناء الشعب الواحد والأخطر من كل ذلك ما سمعناه أخيراً أن حوالي 12 ألف جندي أمريكي يمكن أن يستعمروا ليبيا من جديد.
مخاطر quot;التدويلquot; هذه يدركها كل عربي وكل حاكم عربي، لهذا نرى أن الجميع يرغب في quot;تعريبquot; القضية السورية بمن فيهم دولة قطر التي عملت برئاستها للجنة الوزارية العربية منذ تفجر الأوضاع بسورية على بقاء هذه القضية ضمن quot;البيت العربيquot; ولا تزال تعمل على منع quot;التدويلquot; لكن النظام السوري لم يقرأ هذه الرسالة بوضوح ولعل غبار العاصفة التي يمر بها هذا النظام ودكتاتوريته وغطرسته جعلته لا يرى الحقائق جيداً ولا يقرأ مضمون الرسائل المخلصة من أشقائه العرب الذين يحاولون بكل الوسائل والأساليب الممكنة الحفاظ على سورية قوية موحدة مستقرة وآمنة ومستقلة، لهذا ناشدت القيادة القطرية مرات عديدة القيادة السورية سرعة تلبية مطالب الشعب السوري في الحرية والكرامة والديمقراطية، وهذه المطالب أقرها الرئيس السوري بنفسه، مما يعني أن الصوت القطري المطالب بالإصلاح والقضاء على الفساد وحرية التعبير ينسجم مع رغبة سورية حكومة وشعباً.
كما أن القيادة القطرية أعلنت مراراً وتكراراً أنها لا ترغب ولا تعمل على quot;تدويلquot; القضية السورية وتمنت وتعمل على quot;تعريبquot; هذه القضية ولعل الدعوة القطرية التي صدرت من سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بدراسة مشروع إرسال قوات عربية إلى سورية تصب في خدمة quot;تعريبquot; القضية ومنع quot;التدويلquot;.
إن النظام السوري مدعو إلى الترحيب بفكرة سمو الشيخ حمد لأنها مجرد فكرة يمكن دراستها والبناء عليها لتصب في النهاية في خدمة سورية وشعبها، لأن هذه الفكرة كما نعتقد ليست دعوة إلى القوات العربية أو تصريحاً وتفويضاً لها بقتال الجيش السوري وإنما للحفاظ على هذا الجيش لمواجهة مهمته الأساسية في الدفاع عن الشقيقة سورية في التحديات التي تواجهها، خاصة العدو الصهيوني وهي في نفس الوقت ليست قوات لغزو واحتلال سورية كما يتوهم النظام السوري وليست أيضاً قوات لإسقاط النظام كما قرأها بعض أعوان هذا النظام.
هذه المبادرة كما أعتقد تصب في صالح سورية وحمايتها من المؤامرة التي يتحدث عنها النظام السوري، لأن هذه القوات ستمنع تهريب السلاح إلى سورية وتمنع استخدام السلاح ضد أبناء الشعب السوري سواء من أجهزة الأمن والجيش أو من أطراف المؤامرة التي يتحدث عنها النظام السوري، وهذا يعني أنها قوات عربية لعودة الأمن والاستقرار لسورية وليست قوات غزو واحتلال كما يتوهم النظام السوري ومن يلف لفه.
لهذا يجب دراسة مقترح سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بكل هدوء وموضوعية بعيداً عن الانفعال والعصبية التي أعمت عيون الكثيرين، خاصة في النظام السوري عن إدراك الصديق والعدو، فالتاريخ العربي يذكر أن القوات العربية يمكن أن تلعب دوراً في الحفاظ على سيادة واستقلال وحرية بعض الدول العربية ومنع quot;تدويلquot; قضايا هذه الدول ويكفي هنا أن نستشهد بالدور التاريخي الذي قام به قائد الأمة العربية الراحل في منع quot;تدويلquot; قضية الكويت عندما فكر الرئيس العراقي السابق عبدالكريم قاسم في غزو واحتلال الكويت بذريعة أنها جزء من العراق فاستدعت دولة الكويت آنذاك القوات البريطانية لحمايتها وفعلاً وصلت هذه القوات إلى شواطئ الكويت لكن القائد عبدالناصر ومن أجل quot;تعريبquot; هذه القضية طالب دولة الكويت بطرد القوات البريطانية وهدد الرئيس قاسم وحذره من مغبة إقدامه وغزوه الكويت وخرجت القوات البريطانية من سواحل دولة الكويت وتراجع قاسم عن تهديداته وهكذا تم حل هذه القضية في البيت العربي.
ودعوة سمو أمير دولة قطر تصب في خدمة quot;تعريبquot; القضية السورية ورفض quot;تدويلهاquot;.. فهل يمكن للنظام السوري أن يقرأ هذه الرسالة جيداً ويفهم مضمونها أو أنه سوف يستمر في غيه وغطرسته ودكتاتوريته وقمعه وبطشه ويعتقد أن الحل يتحقق بهذا الأسلوب الأمني فقط؟!!
حان الوقت الآن أن يفهم هذا النظام السوري أنه لا أحد يتمنى أو يرغب في quot;التدويلquot; ما عدا بعض أعضاء المجلس الوطني السوري.. وحان الوقت أيضاً أن يفهم أن دولة قطر ضد quot;التدويلquot;.