أحمد عبد الملك


مع إطلالة العام الجديد تصاعدت حدة الحرب اللفظية بين إيران والولايات المتحدة، الأمر الذي ربما يُنذر بضربة خاطفة، قد تقوم بها الطائرات الأميركية أو الطائرات الإسرائيلية بالنيابة، أو خطأ غير مقصود من العبث العسكري.

فقد حذر قائد الجيش الإيراني الجنرال مؤخراً من عودة حاملة الطائرات الأميركية quot;جون سي سيتنيسquot; إلى مياه الخليج العربي بعد أن عبرت مضيق هرمز باتجاه بحر عمان.

وكانت إيران قد أعلنت أنها ستقوم بإغلاق مضيق هرمز -الذي يمرُّ من خلاله حوالي 40 في المئة من الصادرات النفطية إلى الأسواق العالمية- حيث قال قائد البحرية الإيرانية: quot;إن إغلاق مضيق هرمز أمام ناقلات النفط أسهل من شربة ماءquot;!.

وعشية المناورات العسكرية التي أجرتها إيران في مياه الخليج العربي ابتداء من يوم 24/12/2011، تحرّكت ناقلة الطائرات -من ضمن قطع الأسطول الأميركي الخامس المتواجد في الخليج- باتجاه بحر عمان، في الوقت الذي نصح فيه قائد البحرية الإيرانية القوات الخارجية -غير الإقليمية- بأخذ التهديدات بجد، وعدم الدخول في المناطق التي تجري فيها المناورات.

ومن جانبه حذر متحدث باسم الأسطول الأميركي الخامس من أن quot;الحركة الحرة للسلع والخدمات عبر مضيق هرمز ذات أهمية حيوية للرخاء الإقليمي والعالميquot;. وأضاف: quot;كل من يهدد بتعطيل حرية الملاحة في مضيق دولي، يقف بوضوح خارج المجتمع الدولي ولن نقبل بأي تعطيلquot;.

وكان المسؤول الأميركي يرد على تصريح لقائد البحرية الإيرانية الذي هدّدَ فيه بأن بلاده quot;يمكن أن تعرقل بسهولة تدفق النفط عبر مضيق هرمز، وهو الطريق الرئيس لنقل نفط الخليج، إذا فرضت الحكومات الغربية مزيداً من العقوبات على طهرانquot;.

وكان نائب الرئيس الإيراني قد أطلق تهديداً مماثلاً قال فيه: quot;إذا أقرت عقوبات على صادرات النفط الإيراني لن تمرّ قطرة نفط واحدة عبر مضيق هرمزquot;. وأضاف: quot;ليست لدينا أي رغبة في العداء أو العنف، ولكن الأعداء لن يتخلوا عن مؤامراتهم إلا عندما نعيدهم إلى أماكنهم ويرون أن الشعب الإيراني سيواجههم بكل قوةquot;!

وكان متحدث باسم مفوضية الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي قد صرح بأن الاتحاد الأوروبي ينوي فرضَ سلسلة جديدة من العقوبات على إيران quot;ولن نتخلى عن هذه الفكرةquot;.. وأشار إلى أن quot;القرار المحتمل قد يُتخذ خلال الاجتماع المقبل لوزراء الخارجية الأوروبيين في الثلاثين من يناير الحالي في بروكسلquot;.

وكان الاتحاد الأوروبي قد ألمحَ إلى نيته فرضَ عقوبات على إيران في حال لم تتعاون مع الأسرة الدولية بشأن برنامجها النووي، على رغم أن هنالك انقسامات في الصف الأوروبي حول قضية العقوبات، نظراً لأن بعض دول الاتحاد تستورد ما نسبته 18 في المئة من النفط الإيراني (حوالي 450 ألف برميل يوميّاً).

وكان متحدثٌ باسم الخارجية الفرنسية قد أشار إلى أن quot;مضيق هرمز مضيق دولي، ومن ثم فإن من حق كافة السفن، بغض النظر عن جنسيتها، العبور حسب اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1982 المتعلقة بالبحار والملاحة الدوليةquot;.

وفي خضم هذه الحرب اللفظية مع المجتمع الدولي قامت إيران خلال مناوراتها الأخيرة بإطلاق صاروخ quot;أرض - جوquot; مزوّد بأحدث تقنية، هو quot;شهاب 3quot; الذي يمكن أن يصل مداه إلى إسرائيل وإلى القواعد الأميركية في الشرق الأوسط بكل سهولة.

وكانت إيران قد أطلقت عدداً من الصواريخ في يونيو الماضي منها: quot;خليج فارسquot;، المتخصص في ضرب السفن الحربية ويصل مداه إلى 300 كيلومتر، وquot;رعدquot; ويصل مداه إلى 200 كيلومتر، وذلك من الأراضي الإيرانية عند المدخل الشرقي لمضيق هرمز.

كما قامت إيران -في يونيو الماضي- بإطلاق صاروخ quot;قدرquot; الذي يصل مداه إلى 1800 كيلومتر، مع 13 صاروخاً قصير المدى (400 كيلومتر) من نوع quot;زلزالquot;، وكذلك quot;شهاب1quot; وquot;شهاب 2quot; ويصل مداهما إلى 200 كيلو متر.

وعلى إثر تلك الحرب اللفظية والمناورات العسكرية والصاروخية ارتفع سعر برميل النفط في الأسواق العالمية بمقدار عشرة دولارات. وحذر اقتصاديون من أنه لو تم إغلاق المضيق فإن سعر البرميل الواحد قد يصل إلى 200 دولار.

من جانبه حذر وزير الدفاع الأميركي هذا الأسبوع من أن الولايات المتحدة لن تسكت على إغلاق مضيق هرمز قائلاً: quot;إنه خط أحمر بالنسبة لنا وسنرد على ذلكquot;.

ويعتقد البعض أن إيران تريد أن تحيدَ بتوجهات المجتمع الدولي عن ملفها النووي، وتشغلهُ بموضوع مثير قد لا يخرج عن شكل quot;استعراض القوةquot;؛ خصوصاً بعد التصريحات الأميركية التي ذكرت أن: quot;التهديدات الإيرانية مجرد كلام أجوفquot;. وبعد أن تعهدت المملكة العربية السعودية بتعويض السوق العالمية إذا أغلقت إيران المضيق. حيث عاد سعر النفط إلى سابق عهده.

فهل نجحت طهران في مسعاها؟! أم أن الموضوع سيتجاوز الحرب اللفظية ويَدخل في quot;الجـدquot;، الذي لن يخدم لا إيران ولا جيرانها ولا المجتمع الدولي؟