راجح الخوري

الى أين تريد أن تصل دولة قطر؟
يبدو السؤال ضرورياً الآن، بعدما بدا ان الاذرع السياسية للشيخ حمد بن خليفة وصلت الى امكنة بعيدة ومعقدة تعجز عنها دول كبيرة. فليس سراً ان الدوحة تضطلع بدور حساس ومهم هذه الايام لتوفير ارضية سياسية تساعد في ايجاد قاعدة لتفاهم بين اميركا وحركة quot;طالبانquot; من دون ان يثير هذا الامر مشكلة مع نظام حميد كرزاي.
عندما اعلنت هيلاري كلينتون بعد محادثاتها مع الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، قبل ايام، ان هناك اتجاهاً لفتح مكتب سياسي لحركة quot;طالبانquot; في قطر يكون مركزاً لإجراء مفاوضات سلام، بدا الأمر للمراقبين كخطوة تاريخية بعد عشرة اعوام من الحرب.
وليس سراً ان مبعوث كلينتون الى كابول والدوحة مارك غروسمان سيبحث في تفاصيل هذا الاقتراح، اضافة الى ما تردد عن استعداد قطر للمساعدة في انهاء مشكلة معتقل غوانتانامو!
رئيس الوزراء القطري يقول إن بلاده تحاول ان تكون سفير سلام على قاعدة سياسية هدفها تهدئة التوترات في المنطقة بالتفاوض والحوار، وهما جزء من الديبلوماسية التي يرسمها امير قطر ليعطي بلده دوراً محورياً يتسم بالحيوية والمبادرة في وقت تبدو الساحة العربية وكأنها ذهبت إما الى الفصول الطاغية للثورة والتغيير وقد ضربا فيها دولاً كانت تلعب دوراً رائداً، وإما الى السبات حذراً وخوفاً مما قد يحمله تسونامي quot;الربيع العربيquot; الى الدول الاخرى.
وهكذا، عندما تتجاوز مساحة الطموح حدود الجغرافيا تصبح قطر نموذجاً. فمنذ هبت رياح التغيير برزت هذه الدولة الصغيرة لاعباً أساسياً وحيداً في ساحات الثورة التي عصفت بتونس ومصر ثم بليبيا واليمن والآن بسوريا. فمع اندلاع النار في محمد البوعزيزي شرقطت المواقف القطرية الداعمة للشعوب، إذ اثار امير قطر الدهشة ثم الاعجاب عندما سبق الجامعة العربية والدول الغربية فأرسل الأغذية والأدوية ثم الأسلحة الى الثوار في بنغازي، وكان اول زعيم عربي يزور مصر ويلتقي المشير محمد حسين طنطاوي، ثم شارك في رعاية الحل اليمني مع الملك عبدالله. وها هو الآن يقطع نهائياً شعرة معاوية مع النظام السوري انطلاقاً من المراهنة على حتمية التغيير ومن منطلق حسابات دقيقة بعد الفشل الفاضح للجامعة العربية. في هذا السياق تشكل دعوته لإرسال قوات عربية الى سوريا قرعاً صريحاً لأبواب التدخل العسكري لوقف حمامات الدم، ولكن على قاعدة ان الدوحة وظّفت في الرهان على التغيير في سوريا ما لا يمكن التراجع عنه!