عماد الدين أديب


وساطة إيرانية بين نظام بشار الأسد وجماعة الإخوان السورية!
هل هذا معقول؟
نعم، يبدو الأمر كذلك بناء على ما صرح به محمد فاروق طيفور مساعد المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين السورية، والذي أكد أن السلطات السورية عرضت على الجماعة حصولهم على الحكومة مقابل قبولهم باستمرار بشار الأسد رئيسا للبلاد.
هذا العرض أهميته ليست فيما هو laquo;ظاهرraquo; منه، ولكن فيما يحتويه من laquo;باطنraquo; يدعو للتأمل العميق:
1 - إن قبول الطرف الإيراني بوساطة سياسية يعني الاعتراف من قبل طهران بأن النظام السوري الحليف يعاني من مأزق عنيف لا ينفع معه التصريحات الداعمة، ولا خبراء الحرس الثوري في قمع المظاهرات.
2 - إن فلسفة العرض السوري الرسمي التي تقوم على laquo;الحكومةraquo; مقابل laquo;بقاء الرئيسraquo; هي دليل على إدراك النظام السوري - بما لا يدع مجالا للشك - أنه مأزوم أمنيا وسياسيا في الداخل، وإقليميا وعالميا، وأنه الآن في خانة المربع الأخير.
3 - إن العرض إذا كان يعني اعتراف النظام بأنه في أزمة، فإنه أيضا يعكس أن النظام ما زال على حالة الرغبة في البقاء بأي ثمن، ولأطول فترة ممكنة مهما كانت التنازلات.
في يقيني أن جماعة الإخوان السورية من laquo;الذكاءraquo; السياسي ومن الوعي التاريخي بألا تلتهم ذلك الطعم السياسي الملقى إليها عبر الصنارة الإيرانية!
في بعض الأوقات يكون الحوار ضرورة، وفي أحيان أخرى يكون التفاوض واجبا، وتكون التسوية أمانة تاريخية.
ولكن أحيانا يكون قطار الحوار، والتفاوض، والتسوية قد فات، بعد أن يكون قد تعطل بسيول من دماء الأبرياء من الشهداء والمصابين.
لقد وصل النظام السوري - للأسف الشديد - إلى نقطة اللاعودة واللاحوار، واللاتسوية، حتى أن عرضها الآن، ومهما كان مغدقا أو كريما في تنازلاته، لم يعد يجدي، لأن الجريمة اتسعت بشكل لم يعد فيه أي مكان إلا للقصاص العادل.
لست أعرف كيف سيبحث هذا النظام لنفسه عن مخرج، فالاستمرار مهما طال مستحيل، وتكاليفه اليومية فوق الاحتمال، والتنحي ليس من أدبياته السياسية، واللجوء السياسي ليس متاحا إلا إلى طهران أو فنزويلا.
هل ستقف الطائفة العلوية التي تمسك بمفاتيح الأمن والسلطة والتجارة موقف المشاهد وهي تتابع السقوط التدريجي للنظام