عبدالله إسكندر

لم يعد خافياً ان الانقسام السياسي، في منطقتنا، بين laquo;الممانعةraquo; وraquo;المقاومةraquo; من جهة وraquo;الربيع العربيraquo; من جهة أخرى، بات يتطابق مع الانقسام المذهبي. فبعد سنوات من تبجيل الممانعة والمقاومة، انتهت احزاب اسلامية ذات مرجعية سنّية، وفي مقدمها جماعة laquo;الاخوان المسلمينraquo;، الى توجيه نقدها الى الموقف السلبي لحاملي لواء هذين الشعارين، وفي مقدمهم ايران وسورية وحلفاؤهما خصوصاً laquo;حزب اللهraquo;. وبعد سنوات من الحوار ومساعي التقارب المذهبي والجبهات الموحدة، والاشادة بالصحوة الاسلامية العربية، راحت ايران، ومعها حلفاؤها في سورية وraquo;حزب اللهraquo;، يشككون بنيات اصحاب هذه الصحوة، خصوصا بعد وصولهم الى السلطة في مصر وتونس. ويعلنون اشتباههم بأن الاسلاميين العرب لم يحددوا موقفاً قاطعاً يؤكد دعم الممانعة والمقاومة، لا بل يتوجهون نحو حوار مع الولايات المتحدة والغرب، إن لم يكن بعضهم يعمل فعلا لمصلحة هذا الغرب، خصوصا عندما يتعلق الامر بسورية.

وما يظهر تطابق هذا الانقسام المذهبي بين الانقسام بين الممانعة والربيع العربي، تلك الملابسات الكثيرة التي تحيط بمواقف حركة laquo;حماسraquo; من التطورات السورية.

لقد قُدم في الماضي تحالف laquo;حماسraquo; مع سورية وraquo;حزب اللهraquo; وتلقيها انواعا كثيرة من الدعم الايراني، كدليل على ان حدود الممانعة تتجاوز المذاهب وان أي وحدة اسلامية تصب في اطار المقاومة. لكن، مع انفجار الاوضاع في سورية على النحو المعروف نأت laquo;حماسraquo; بنفسها عن النظام في دمشق وامتنعت عن تقديم تأييد علني له في مواجهة المعارضة التي يُعتبر laquo;الاخوان المسلمونraquo; السوريون نواتها الصلبة، مما يحمل على الاعتقاد ان العامل المذهبي لعب دوراً في هذه السياسة، اكثر من كونه موقفاً سياسياً.

ومع اضافة الحكم العراقي، بزعامة laquo;حزب الدعوةraquo;، وانحياز السياسة العراقية الرسمية الى جانب الحكم السوري، تكتمل صورة الاختراق المذهبي للموقف من الربيع العربي. وإن كانت ثمة استثناءات تُسجل لدى هذا الطرف او ذاك، كأن ينحاز افراد من هذا المذهب الى شعارات المذهب الآخر، فان ذلك لا ينفي ان الكتل الاساسية في المذهبين تطابق موقفها السياسي مع الانتماء المذهبي.

من البديهي ان هذا الانشطار يهدد، مع زيادة التأزم في سورية وانسداد الحلول السريعة فيها ومع زيادة التوتر الايراني - الغربي ومضاعفاته على المنطقة الخليجية، بنشوب نزاع اهلي مذهبي. ويربط كثر الملفين السوري والايراني، اضافة طبعا الى الخلافات الداخلية في العراق ولبنان، ويرى هؤلاء ان هذه الساحات باتت بمثابة اوان مستطرقة. فما يؤثر هنا ستجد صداه سريعاً هناك. وهذا ما يستدعي رزمة من الحلول، وليس مجرد حوار بين المذاهب، بعدما اخترقت السياسة اختراقاً عميقاً، الانتماءات المذهبية.

وفي مقدار ما يجري التركيز في هذه الرزمة على التعارض بين الممانعة والربيع العربي، كما تعلن طهران التي تقدم نفسها على انها قائدة محور الممانعة، في مقدار ما يتعمق الانشطار المذهبي. خصوصا ان الممانعة باتت تطابق بين شعارات الربيع العربي في الحرية والديموقراطية والتعددية وبين الانتماء الى الهيمنة الاميركية ومخططاتها. خصوصا في ظل حماسة تركيا (بمعانيها العثمانية القديمة والاطلسية الحديثة) لدعم الربيع العربي.

حتى ان laquo;الاخوان المسلمينraquo; باتوا، في اطار هذا التحليل، ادوات في يدي هذه الهيمنة ومرادفها الاقليمي، اي الرضوخ لاسرائيل ومناهضة المقاومة.

في المقابل، ونتيجة هذه المواقف الممانعة من التغيير، يعتبر الاسلاميون العرب ان ايران وحلفاءها يقفون في مواجهة التطلعات الشعبية نحو التغيير ويمنعون اكتمال اهداف الربيع العربي.