عبد الملك بن أحمد آل الشيخ


منذ قيام الثورة الخمينية في إيران والمحللون السياسيون ومراكز البحث في الغرب، وبالأخص في الولايات المتحدة الأميركية، يستخدمون مصطلح laquo;الصفقة الكبرىraquo; عند الحديث عن الصفقة النهائية المتوقعة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران حول الخليج العربي.

فقد كانت المناورات السياسية الإيرانية، والسياسة الأميركية البراغماتية في التعامل مع ملف الأمن في الخليج العربي، والدور الكبير الذي لعبته إيران في تسهيل احتلال العراق، والقضاء على طالبان في أفغانستان، سببا رئيسيا في هذا الوصف لتلك الصفقة المحتملة بين البلدين حول المنطقة.

إلا أن التطورات السياسية في العالم العربي فيما يطلق عليه اصطلاحا laquo;الربيع العربيraquo;، وانكشاف الوجه الطائفي للنظام الإيراني في تعامله مع الوضع في البحرين وسوريا واليمن وغيرها، وتقلص نفوذه في هذه الدول نتيجة استيقاظ الشعوب العربية، وإدراكها للدور التخريبي الإرهابي للنظام الإيراني في العالم العربي، بل في العالم أجمع، وانكشاف الوجه المزيف للثورة الإيرانية حول القضية الفلسطينية، ومزاعمها حول نصرة المستضعفين، إضافة إلى استمرار إيران في تحديها للمجتمع الدولي من خلال سعيها الحثيث لامتلاك السلاح النووي.

وأخيرا تهديدها بإغلاق مضيق هرمز، الشريان الحيوي للعالم، قد أعاد حسابات الولايات المتحدة الأميركية، بل والعالم في التعامل مع تلك الطموحات الإيرانية، وكذلك إعادة تعريف الدور الإيراني في المنطقة.

فلعبة الصفقة الكبرى لم تعد مسلية للجانب الأميركي، لكن نظام الحكم في إيران ما زال يعتقد أن اللعبة مستمرة مع الولايات المتحدة الأميركية. بيد أنه لم يدرك بعد أن عدد اللاعبين في الفريق المقابل قد تكاثر إلى حد كبير، حتى أن هؤلاء المتفرجين، بل والمشجعين السابقين للفريق الإيراني في تلك اللعبة، أصبحوا من بين اللاعبين الأساسيين في الفريق الآخر، وأصبحت مناورات إيران السياسية وتهديدات النظام في طهران تؤثر فيهم وفي العالم بأكمله، إلا أن هذه التهديدات سوف تستمر ما دام هؤلاء اللاعبون ما زالوا يتعاملون مع قضية الاستقرار في الخليج العربي باعتباره هدفا تابعا لأهداف أخرى، وكل ما يصاحب ذلك من المخاطر المترتبة على امتلاك إيران للسلاح النووي. إن تأمين منطقة الخليج العربي ضد التهديدات الإيرانية، وإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، يتطلبان تحالفا دوليا بدت تظهر ملامحه، ولن يتسنى تحقيقه إلا باتفاق إقليمي وعالمي يضع استقرار دول الخليج العربي فوق كل اعتبار، ويمنع إيران من امتلاك السلاح النووي.

إن تحقيق هذه الغاية يتطلب أكثر من مجرد خطط ومناورات من الضغوط الدبلوماسية والحظر الاقتصادي تعيد الفريقين مرة أخرى إلى ملعب المفاوضات وعقد الصفقات، فالاستقرار في منطقة الخليج العربي لم يعد مطلب دول الخليج العربي وحدها، بل مطلبا دوليا، فالكرة الآن في الملعب الدولي، وعلى التحالف العالمي أن يرسل رسالة واضحة للنظام الحاكم في إيران بأن اللعبة قد انتهت.