فاتح عبدالسلام

صنّف الرئيس السوري بشار الأسد في حديثه الأول بعد الخامس عشر من اذار الماضي، المشاركين في الاحتجاجات التي عمّت سوريا علي ثلاثة أصناف. الأول: مجرمون عاديون انتهزوا فرصة الشغب، والثاني: إرهابيون مدفوعون من خارج البلاد لضرب سوريا، والثالث أصحاب مطالب في الاصلاح وهؤلاء مرحب بدعواتهم للإصلاح والعمل من أجل مستقبل سوريا. لكن بعد عشرة شهور من أزمة كبري سقط فيها آلاف الشهداء لم يعد للصنف الثالث المتمثل بأصحاب المطالب المشروعة أي ذكر في الخطابات التالية للرئيس الاّ ما ورد خافتاً وعابراً. ما الذي حدث؟
أباتت الأزمة السورية أكبر من أن تغطي أم أصغر من أن تُري، ليكون حالها مركوناً الي مائة من المراقبين العرب، بعضهم مشكوك في سلامة مواقفهم ومنطلقاتهم وارتباطاتهم مع دولهم، وهذا شك مزدوج من السلطة والمعارضة علي حد سواء غالباًّ؟
المراقب لتطور سير الحدث السوري، يري أنَّ الشهور العشرة ألغت الفواصل بين الأصناف الثلاثة علي افتراض إنّه تقسيم مفروغ منه ليكون مادة أساسية في البحث والتقويم. ولتغدو الأصناف الثلاثة صنفاً واحداً. لكنّ كلّ فريق لا يزال يراها من زاويته تماماً من دون أي تنازل. فالحكم السوري يري الاصناف الثلاثة وقد غدت مجموعات إرهابية موحدة الأهداف لتقويض النظام. أمّا المعارضة فتري أنَّ صنفاً واحداً كان منذ البداية ولماّ يزل ويمثله المحتجون في المدن السورية وحماتهم من المنشقين عن الجيش الأصلي الذين كونوا جيشاً حرّاً.
المراقبون العرب سيكونون في مواجهة دقيقة مع هاتين الرؤيتين، وإنَّ أيّ تقرير لا يقيم وزناً للرؤيتين معاً لن يكون له حظ من القبول لدي الطرفين، والأصعب هو أنْ لا يقبل الطرفان أنْ تحدث (موازنة) في تقرير المراقبين للطرفين لأن ذلك يعني المراوحة الي ما لا نهاية في نقطة واحدة.. وهي نقطة دموية حقّاً. ذلك انَّ الجانبين تجاوزا مرحلة توازنات وتسويات الي انَّ يكون التقرير المرتقب الي جانب أحدهم دون سواه علي نحو مطلق، لأنّ عكس ذلك يعني ان المجهول (الداخلي) قادم، أو المجهول (الدولي) في المرمي القريب.
الظاهر هو إنَّ المجتمع الدولي يتراجع نسبياً إزاء معالجة الوضع السوري في انتظار نتائج تقرير المراقبين وقرار الجامعة العربية في ضوئه. غير إنَّ تداخل الملفات المتفجرة يجعل للمفاجآت باباً بكل يدٍ إقليمية أو دولية يدق.