صالح القلاب


عندما لا يجد الأستاذ محمد حسنين هيكل عنواناً لكتاب جديد له حول عهد الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك إلا: ldquo;البقرة الضاحكة تحكم مصر لثلاثين عاماًrdquo; فإن هذا يدل على مدى ما وصلت إليه النكايات من انحطاط أخلاقي، كما أنه يدل على أن هناك من لايزال يعيش مرحلة أحمد سعيد وrdquo;صوت العربrdquo; في ذروة الإسفاف في أدبيات الخصومات بين عبدالناصر والعديد من قادة الدول العربية. ليس دفاعاً عن حسني مبارك وإنما اشمئزاز من انحدار اللغة السياسية في بلد عظيم كمصر إلى هذا المستوى، فبالإمكان شتم الرئيس المصري السابق وعهده ليس بكتاب واحد وإنما بألف كتاب ولكن بغير هذه اللغة السوقية التي إن كانت تلائم مدّعياً للكتابة والسياسة فإنها بالتأكيد لا تلائم الأستاذ محمد حسنين هيكل الذي كان يعتبر ذات يوم صانع السياسة المصرية في زمن صراع المعسكرات وشدة الاستقطابات العربية. كانت نكتة ldquo;البقرة الضاحكةrdquo; قد شاعت ضد الرئيس المصري السابق في السنوات العشر الأولى من حكمه الذي استمر ثلاثين عاماً، وكان الخيال الشعبي المصري هو الذي استخدم ما كان غلافاً لأحد أنواع الجبنة على أنه يشبه هيئة حسني مبارك، وذلك مع أن أهم ما أنجزه هذا الرجل في هذه السنوات يتمثل في أنه عزز الاستقرار الأمني بعد اغتيال الرئيس السادات في عام 1981، وتصدى للإرهاب والتطرف بعزيمة أحد أشجع ضباط وقادة جيش مصر المقدام. ليس دفاعاً عن حسني مبارك وإنما استغراب لأن يلجأ كاتب كبير كان وزير إعلام عبدالناصر ورئيس تحرير صحيفة ldquo;الأهرامrdquo; إلى هذا التشنيع الهابط ضد هذا الرجل بعد أن ألزمته الأحداث بالترجل من فوق صهوة جواد الحكم، وهنا ومن قبيل المقارنة فقط فإنه لابد من الإشارة إلى أن مدير مركز ابن خلدون الدكتور سعد الدين إبراهيم، الذي ذاق الأمرّين في العهد ldquo;البائدrdquo;، قد دعا في تصريحات نُشرت له بهذا الخصوص إلى إصدار عفو عن الرئيس السابق في حال صدور حكم بحقه، نظراً لما كان قدمه لمصر قبل أن يصبح رئيساً وبعد ذلك.