يوسف الكويليت

بدون مواربة يجب أن تعترف الجامعة العربية أن دورها في سوريا قُتل، رغم محاولات علاج السرطان بالرقية، فالأمور السياسية الحساسة والتي تحتاج مواقف واضحة، لا تدار بمفهوم التردد، وتقليب صفحات التقارير للبحث عن مخرج أمام وضع يستحيل معالجته، ويكفي أن المجلس الوزاري الذي سينعقد لقراءة تقرير رئيس بعثة المراقبين، سبقته تناقضات في رؤية المشاهد وتوصيفها..

فبينما الرئيس، كما سربت المعلومات، لايخرج عن مواقف السلطة والرأي الروسي بإلقاء اللوم على طرفي النزاع، نجد آخر يصف التضييق على المندوبين والتجسس عليهم حتى في دورات المياه، وإرهابهم، واستدراجهم إلى أفعال غير أخلاقية، يبين أن الخلافات ليس بَمن مع سوريا وضدها، بل بعدم نقل المشاهد بأمانة، خاصة مع ساسة احترفوا الدس والتآمر والتلون بكل الوجوه، والمندوبون، ذهبوا وكأنهم أسرى تحت الملاحظة أي لا يوجد لهم استقلال في الرأي، ولا الرؤية، وانعدام فاعليتهم أثبت أن الجامعة ليست مؤهلة للعب أي دور يأخذ بقوة القانون ولا يجامل، أو يصمت على مذابح، هي أصلاً لا تحتاج إلى شاهد إثبات أمام عدسات الأجهزة الحديثة التي باتت في متناول كل فرد، ومن ثم إرسالها لجميع وسائل النشر..

في تاريخ الجامعة لم نجد في سجلها ما يكشف تغلبها على أي مشكل أو خلاف عربي، لأن تركيبتها السياسية خلقت ما يبرر عدم احترام أي قرار لها، وهذا الخلل يسأل عنه الأعضاء أنفسهم، فالقضايا المعلقة باتت حلقات فراغ في الجامعة أمام أي نشاط، والدليل أن بعض حالات القطيعة بين بلد وآخر والتي تدوم سنوات طويلة، نجد الحلول إما تأتي من طرفي العلاقة، أو وساطة دولة ما ليأتي الحل خارج أي عمل تتبناه الجامعة العربية..

مع سوريا يبدو أن حسم الأمور ستأتي من داخلها، والدليل أن الجيش الحر، هو من بدأ يحقق بعض الانجازات، وباستمراره قد تحدث تطورات تفوق أي عمل عربي جماعي، ثم أن المعارضة السورية التي قالت بصريح العبارة إنها لا تعول على عمل الجامعة وتقاريرها، أدركت، سلفاً، عدم جدوى الانتظار لحل مستحيل..

ما عجزت عنه الجامعة، يجب أن يحول القضية برمتها إلى مجلس الأمن، لأنه أداة الضغط، والمباشر في طرح الحلول الصعبة، والمبادر في تفعيل القرارات، والجامعة إذا كانت عاجزة على الاعتراف بفشلها، فعلى الأقل التخلي عن مسؤولياتها لمن هو جدير بحماية حق المواطن السوري، وفي العموم، فسواء اجتمع أعضاء المجلس الوزاري، أو لم يجتمعوا فالحل بيد الثورة وأعضائها ومؤيديها..