الوطن السعودية

موقف المملكة الحازم والقوي في اجتماع الأمس، والقائم على نقد ورفض تقرير لجنة المراقبين، وإعلان سحب مراقبيها، لهو دليل واضح على أن المملكة تنأى بنفسها عن أي تحرك قادم بعد هذه الخطوة، ما دام لا يهدف ـ بصدق وقوة ـ إلى معالجة الوضع، وحقن الدماء.
المملكة بهذا الموقف القوي تعلن ترفعها عن منح النظام السوري المزيد من فرص إراقة الدماء، وما هذا القرار المهم سوى خطوة أولى قد تليها خطوات أكثر فاعلية.
والحق أن اجتماع وزراء الخارجية العرب، يوم أمس، في القاهرة حول الشأن السوري لم يكن سهلا على الإطلاق، ذلك أن الوضع السوري المعقد أصلا قد ازداد تعقيدا خلال الشهر الماضي، على الرغم من وجود بعثة المراقبين العرب. هذا التعقيد ألقى بظلاله على القرار العربي، إذ لم يعد من الممكن الموازنة بين متغيرات متعددة ومتناقضة في ذات الوقت.
فمن جهة، رغم كل الانتقاد الإعلامي لعمل فريق المراقبة، إلا أن تواجد الفريق ـ كما ترى بعض الفئات ـ قد حد من تواجد الجيش السوري على الأرض بالشكل الذي كان موجودا قبل دخول الفريق، لكن أعمال القتل مستمرة، وهذا تناقض واضح بين المعطيات والأرقام من جهة، وبين قلة تواجد الجيش السوري من جهة أخرى، مما يجعل المعضلة القائمة هي كيفية المضي قدما في التعامل العربي الجماعي مع الشأن السوري، بعد أن ثبت أن وجود المراقبين غير مفيد.
هنا تبرز مسألة نقل الملف لمجلس الأمن، بيد أن هذا الأمر لا يزال موضوعا شائكا لعدة أسباب؛ أهمها أن مجلس الأمن نفسه عاجز عن اتخاذ قرار بسبب المساومات داخل المجلس، ولو أن المجلس أراد اتخاذ قرار بشأن سورية لفعل، لكن تقاطعات المصالح تحول دون ذلك كما يبدو.
القرار العربي بتمديد مهلة عمل فريق المراقبة يمثل ـ من وجهة نظر البعض ـ الحل الأسلم الآن في ظل التخبط الواضح في كيفية المضي قدما في معالجة الملف السوري، لكنه في واقعه حل يشبه quot;الطبطبةquot; على النظام السوري، فضلا عن أنه لا يرقى لتطلع السوريين.
والسؤال الحقيقي الآن هو كيفية معالجة الوضع في الفترة القادمة، ففريق المراقبة العربي لا يحل المشكلة، ولا يحسن من الوضع القائم وإنما قد يضمن ثباته فقط، إن لم تتطور الأمور بشكل فجائي، وهو المتوقع، والمطلوب الآن هو تحرك فاعل وحقيقي لمعالجة الوضع، وذلك بالتخلي عن فكرة المراقبين، والبحث عن مسارات أخرى، تكون أجدى من تمديد عمل المراقبين.