محمد عبد الجبار الشبوط


الم يأن لبعض النواب، ومعهم بعض الذين يكتبون، ان يغادروا لغة التخوين والاتهام وتشويه السمعة والتشكيك والنيل الباطل من الاشخاص لا لشيء سوى لأنهم يخالفونهم الرأي او يقومون باعمال ونشاطات لا ترضي امزجتهم الشخصية؟
الم يأن لبعض هؤلاء ان يعرفوا ان الصحافيين العراقيين، على سبيل المثال، ليسوا بضاعة رخيصة معروضة للبيع في سوق النخاسة بثمن بخس؟

الم يأن لبعض هؤلاء ان يعلموا ان الصحافيين العراقيين يدفعون الان اعلى الاثمان واكبر التضحيات من اجل ان يؤدوا التزاماتهم المهنية وواجباتهم الصحافية، وان الكثير منهم قارعوا النظام البعثي الدكتاتوري بالكلمة والموقف باشد ما يتطلبه النضال من اجل الحرية والديمقراطية؟

لا يصح ولا يجوز توجيه الاتهامات الى الصحافيين ووضعهم في دائرة الشكوك والشبهة لمجرد انهم يقومون ببعض ما تتطلبه مهنتهم. الصحافي مثل الصائغ. اذا كان الصائغ يبحث عن الذهب ليصنع منه الترجية والقلادة والمحبس والمعضد والحجل وغير ذلك، فان الصحافي يبحث عن المعلومة ليصنع منها الخبر والتقرير والقصة الخبرية والتحليل. وهو لا يبالي ان يقع هو على المعلومة، او تقع المعلومة عليه. الصحافي يذهب الى جبهة حرب ويغطيها من الجانبين، ويتسلل الى ما وراء الكواليس، ويحضر اجتماعات ومؤتمرات، ويستمع الى متحدثين، بل ربما يسترق السمع، ويطرح اسئلة، حاملا معه قلما وورقة او مسجلا، اواية وسيلة اخرى تحفظ ما يحصل عليه من معلومات.

ليس من مهنة الصحافة ان quot;يقاطعquot; الصحافي مؤتمرا او quot;ينسحبquot; من اجتماع او quot;يعلقquot; مشاركته او quot;يجمدquot; عضويته الى ما هنالك من عبارات او مصطلحات نسمعها في الوسط السياسي العراقي للتعبير عن تصرفات ومواقف يقوم بها السياسيون من وزراء او نواب. فمثل هذه التصرفات تحرم الصحافي ببساطة من فرصة الحصول على المعلومة، وبالتالي تعجزه عن القيام بوظيفه المهنية، وهي الحصول على المعلومة.

وحين يفعل ذلك الصحافي، لا يصح ان يضعه السياسي او النائب في برلمان موضع تهمة او شك او تساؤل، لأن الصحافي لا شأن له بطبيعة المعلومات التي يحصل عليها وما قد تمثله من اتجاه او موقف سياسي؛ انما وظيفته، بعد الحصول على هذه المعلومات، ان يوصلها الى الجمهور. باقصى درجات الحيادية والموضوعية والشمولية والتميز. ولا يصح ان يطالبه السياسي او عضو البرلمان باكثر من هذا. لأنه لو فعل ما هو اكثر من هذا فقد صفته كصحافي واكتسب صفة اخرى. وعند ذاك يجري التعامل مع الصحافي quot;السابقquot; في ضوء الصفة الجديدة المكتسبة.

هذا على الجانب المهني، اما على الجانب الاخلاقي، فانه من العيب ان يكون صحافيونا موضع شبهة واتهام بانهم اخذوارشوة، او باعوا ضمائرهم لمجرد مشاركتهم في مؤتمر او فعالية ما. فنحن نطمح ان يضعنا سياسيونا ونواب برلماننا موضع الثقة والاطمئنان، بعيدا عن الشك والاتهام والشبهة، فهؤلاء هم اولى الناس بتقديم الحماية المعنوية للصحافيين الذي يسعون وراء الحقيقة والمعلومة التي يتطلبها الناس منهم. فصحفيونا وكتابنا وادباؤنا الكبار الذين عركوا الحياة المهنية وقارعوا انظمة القهر والاستبداد والدكتاتورية وقدموا في هذا الطريق التضحيات الجسام اكرم من ان يتم شراء ضمائرهم المهنية والوطنية بدراهم معدودات.

اتمنى ان يراجع النائبان الكريمان عالية نصيف و جواد المياحي ما صدر عنهما من تصريحات بشأن مشاركة عدد من الصحافيين العراقيين في اجتماعات المنتدى الاعلامي الكويتي العراقي التي عقدت مؤخرا في الكويت ففي هذه التصريحات من الاجحاف والظلم بحق الصحافيين العراقيين مما لا يصح ان يصدر من نائبين محترمين يمثلان الشعب ويحظيان باحترام الاسرة الصحافية ايضا.