سمير الحجاوي

جامعة الحكومات العربية تعقد حياة السوريين بدل حلها، وتحاول ترتيب الأوضاع في سوريا على الطريقة اليمنية، أي إجهاض انتصار الثورة، وعدم هزيمة النظام البعثي، والاستغناء عن بشار الأسد مقابل المحافظة على quot;جسم النظام البعثي الحزبي الطائفيquot;، وهي محاولة لن يكتب لها النجاح، فالشعب السوري قرر الإطاحة بالنظام البعثي الطائفي رغم الثمن المرتفع من الدم والدموع، وهو قرر ذلك بوعي فردي وشعبي وجماهيري وجماعي أيضا.
هذا الشعب وجه سهام نقده لجامعة الحكومات العربية واتهمها بالفشل وعدم الارتقاء إلى مستوى تضحيات الشعب السوري وعدم وقف آلة القتل للنظام القمعي، واعتبر عبر لجان التنسيق المحلية، التي تمثل العمل الثوري على الأرض أن مقترح الجامعة quot;غير قابل للتحقق ويفتقر إلى آليات التنفيذ ولا يرسم نهاية لاعتماد النظام الحل الأمني المطلق وأن السوريين لن يقبلوا حلا لا يتضمن تغييرا شاملا وجذريا لنظام القمع والفسادquot;.
ورأى الثوار أن المبادرة الجديدة quot;تعطي مهلة جديدة للنظام وفرصة أخرى لوأد الثورة وتحويل المجتمع السوري إلى ارض محروقة.. وأن السوريين فقدوا الثقة بقدرة الجامعة العربية على اتخاذ مواقف حاسمة تحقن دماءهم وتغل يد النظام عن جر البلاد إلى الفوضى والخرابquot;، وأن المبادرة الجديدة quot;لم تصل لأي درجة تقترب من مطالب الشعب السوري الثائر، وأنها غير مقبولة وأن الجامعة العربية quot;ما زالت بعيدة عن واقع سوريا الأليم، متجاهلة بنية النظام الأسدي التي تقوم على الحكم الأمني الطائفي للدولةquot;، واتهموا رئيس بعثة المراقبين العرب الفريق محمد أحمد الدابي quot;بالكذب والتدليسquot; وأن التقرير الذي قدمه للجامعة العربية quot;يفتقد للحرفية والحياديةquot; ودعوا الجامعة العربية إلى quot;إعلان فشلها الذريع في إقناع النظام الأسدي بوقف آلة قمعه وإجرامه وإحالة الملف لمجلس الأمن الدولي فورا وبدون أي تأخير ندفع ثمنه حياة مواطنين سوريين أبرياءquot;.
الثوار السوريون عبر لجان التنسيق المحلية قرروا أن quot;لا حوار سياسيا مع النظام إلا بشرط أساسي وهو أن يكون هدفه الوحيد تسليم السلطة وتنحي نظام الأسد برأسه وأركانه معاquot;.
أما النظام البعثي في سوريا فأعلن رفضه لقرارات الجامعة العربية واعتبرها تدخلا سافرا في شؤونه الداخلية وأنها تتناقض مع مصالح الشعب وأعلن التفافه حول الرئيس الأسد.. وطالب المجلس الوزاري بوقف تمويل وتسليح quot;الإرهابيينquot;.
موقف الثوار السوريين وموقف النظام البعثي يعني أن المقترحات الجديدة لجامعة الحكومات العربية دخلت في طريق مسدود واصطدمت بجدار الرفض لكلا الطرفين مما يعني استمرار تدحرج الثورة نحو المواجهة العسكرية الشاملة وهي المواجهة الموجودة في الزبداني قرب العاصمة دمشق وحمص وتلكلخ ووادي خالد على الحدود مع لبنان ومواجهات قرب الحدود منع تركيا ومواجهات أخرى في درعا قرب الحدود مع الأردن واشتباكات في دير الزور على الحدود مع العراق، أي مواجهات في جهات سوريا الأربعة وهي مواجهات تعني أن رحيل النظام البعثي بزعامة بشار الأسد لن يكون سلميا،عكس ما تهدف إليه المبادرة العربية، مما يؤكد فشل هذه المبادرة.
النظام العربي الرسمي الممثل في جامعة الحكومات العربية تحاول إنقاذ النظام البعثي من الانهيار، وتبنت مقترحا روسيا قدمه وزير الخارجية الروسي لاستبدال الأسد بنائبه على الطريقة اليمنية، وهي محاولة بائسة ويائسة، لأن إيران حاولت ترتيب صفقة لتقاسم الحكم بين النظام البعثي والإخوان المسلمين، وهي محاولة فشلت رغم قدرة إيران على التأثير على النظام البعثي، وبالتالي فإن اقتراح تشكيل حكومة وفاق وطني غير واقعي وغير قابل للتطبيق.
محاولة جامعة الحكومات العربية quot;لملمةquot; الثورة والحيلولة دون انتصارها لن يكتب لها النجاح، ومحاولة النظام العربي الرسمي إجهاض المد الثوري عبر تفجيره من الداخل وإرباك المشهد بمبادرات ثانوية لوقف الربيع العربي وتيئيس الأمة العربية من الثورات سيفشل، لأن الثورة مستمرة، ولان الأمة العربية انتقلت إلى مرحلة جديدة، هي تقويض الأنظمة الشمولية الاستبدادية الدكتاتوري والإطاحة بالطغاة، والشعب السوري الذي بدا ثورته وحيدا، وقاتل وحيدا، وتصدى لكل المؤامرات والمبادرات وحيدا لن يسمح لألاعيب جامعة الحكومات العربية والنظام البعثي بإجهاض ثورته، وهو أوعى من أن يقع في فخاخ وشراك ومصائد المبادرات التي تفكك انتصاره كما حصل في تونس ومصر وليبيا.
لا حل في سوريا إلا برحيل بشار الأسد ونظامه البعثي الطائفي الدموي، ومحاسبة من أراقوا دماء السوريين في الشوارع والمدن ومن قتلوا الأبرياء في المعتقلات والمستشفيات.. ليس هناك سوى خيار واحد هو انتصار الشعب السوري الثائر، ومن يشك في ذلك عليه أن ينتظر وسيرى، ومن يعتقد أن الشعب السوري الثائر سيتراجع إلى الوراء، واهم ومخبول ومجنون.