جهاد الخازن

قال الشاعر:

فلو أني ابتليت بهاشمي / خؤولته بنو عبد المدان

لهان عليّ ما ألقى ولكن / تعالوا فانظروا بمن ابتلاني

أين نحن من بني هاشم وأنا أجد أنني ابتليت بإسرائيل وأنصارِها، لأنني أكتب مهاجماً الاحتلال والممارسات النازية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وأعتبر حكومة إسرائيل فاشستية وتتألف من عصابات جريمة لا أحزاب سياسية.

هذه الــمرة، وقَــعتُ على مقال نشـــره موقع إلكتـــروني لـlaquo;جـــيروزالم بوستraquo; عنوانه laquo;معلّق (يشجع) الكره يأمل أن يفوز أوباماraquo;.

لا أحتاج أن أوزع أيَّ كره لإسرائيل، فكل ما فيها كريه، وينشر الكره لليهود حول العالم، مع أن غالبيتهم ليبرالية وبريئة من جرائم إسرائيل. وقد لاحظت في استطلاعات رأي اليهود الأميركيين، أن إسرائيل تحتل مرتبة متدنية من اهتماماتهم.

laquo;جيروزالم بوستraquo; جريدة يمـــينية، أي أنها من نوع حكومة نتانياهو، وأكرر أن بنيامـــين نتانياهو إرهابي شارك في تدمير طائرات مدنية في مطار بيـــروت سنة 1968، وأن أفيغدور ليبرمان حارس مواخير من مولدافا، لا حقّ له بالإقامة في فلسطين (إسرائيل)، وأن إيلي يشاي من حـــزب ديـــني متـــطرف يريـــد عرّابه عوفاديا يوسف أن يكون العالم كله خدماً لليهود. الحكومة الإسرائيــلية تمارس الإرهاب حول العالم وتـــقوم باغتيـــالات، من إسكــندنافيا إلى دبي، وحتى ايران. ومع ذكــر ايران، أقول -لإغاظتهم- إنني أؤيد برنامجاً نووياً عسكرياً إيــرانياً رداً على ترسانة نووية إسرائيلية بيدَيْ حكومة إرهابية.

موقع الجريدة نقل عني أنني قلت في أيلول (سبتمبر) 2009، إن laquo;القضية الفلسطينية لا تُحَلّ إلا بحربraquo; وهذا كان عنوان المقال، وأنني وصفت الاحتلال الإسرائيلي بأنه laquo;نازي مجرمraquo;، وأن السجناء الفلسطينيين في إسرائيل يعاملون كما عومل اليهود في معسكرات الاعتقال النازية.

أسجل أنني لا أكتب عنواناً، وأكتفي بكلمتَيْ laquo;عيون وآذانraquo;، أما العنوان، فيختاره قسم الأرشيف والمعلومات رمزاً للمقال، ما يسهِّل العودة اليه ساعة الحاجة.

الفقرة في المقال التي اختير العنوان منها كانت: القضية لن تحل إلا بحرب، وكلامي هذا صحيح من دون أن أدعو الى حرب، فأنا لا أريد حرباً حتى لو لم تحل القضية في عمري، إلا أنني أسجل النهاية المنطقية الوحيدة للجدل الدائر، إن لم يسبق ذلك إرهاب نووي يقضي على القاتل والضحية.

فكرة المقال أن بنيامين نتانياهو نجس، وحكومته لا تريد السلام، وما أخشى، إذا بقيت القضية من دون حل، أن يحصل إرهابيون على سلاح نووي يستعملونه. ثم إن المقال ينتهي بالحديث عن يهود من طلاب السلام، بينهم إسرائيليون، يدافعون عن الفلسطينيين وحقوقهم، وفي أهمية ذلك أنني كتبت دائماً معارضاً الحرب.

الموقع يسجِّل بعضَ ما كتبتُ عن إسرائيل وسياستِها، انتهاء بمقال في 11 من هذا الشهر قلت فيه إن السياسة الخارجية الأميركية التي تديرها إسرائيل والمحافظين الجدد والليكوديين الاميركيين هم وراء خسارة اميركا نفوذها في الشرق الأوسط، وإنني أؤيد فوز اوباما بولاية ثانية، لأنه سيكون حراً من النفوذ الإسرائيلي. أين الخطأ في هذا؟ إسرائيل هي ذلك الذَّنَبْ الذي هز الكلب، وأنا أؤيد كل شيء في اميركا باستثناء السياسة الخارجية في الشرق الأوسط، لأنها مصنوعة في إسرائيل.

لا أحد في الصحافة العربية كلها يدافع عن اليهود مثلي، وقد قلتُ دائماً إن ستة ملايين يهودي قتلوا في المحرقة النازية، وهاجمتُ المؤرخ التحريفي ديفيد إرفنغ لإنكار ذلك، كما روجتُ دائماً لدعاة السلام الإسرائيليين واليهود الآخرين، وعارضت في هذه الزاوية العمليات الانتحارية.

هذا كله لا يُلغي أن في إسرائيل اليوم حكومة فاشستية ومستوطنين مجرمين واحتلالاً همجياً، وإذا شئنا دليلاً على نازية اليمين الإسرائيلي، فمنذ بدء الانتفاضة الثانية في 29/9/2001، قتل 1500 ولد فلسطيني، أي دون الخامسة عشرة، مقابل 135 ولداً إسرائيلياً، أي نسبة عشرة الى واحد، وهي نسبة نازية.

وفي laquo;الغارديانraquo; الليبرالية أمس، كان هناك تحقيق بدأ على صفحتها الأولى، عن ولد فلــسطيني عمره 16 سنة في الحبس الانفرادي في سجن نازي إســرائيلي، زنزانته بحجم laquo;الفرشةraquo; التي ينام عليها. هــذه نــازية لم يعد يمارسها احد في العالم سوى إسرائيل.

المدافعون عنهم مثلهم، وما دمت بدأت بشيء من كتب العرب، فإنني أختتم بمثله، فاختيار نصف جملة للتعليق عليها هو من نوع laquo;لا تقربوا الصلاة...raquo;، أو laquo;ويل للمصلين...raquo;، غير أنهم كذبوا حتى لم يعد يصدقهم أحد.