عبدالله بن بخيت
تنشط هذه الأيام حملة منظمة لتشويه الابتعاث. كالعادة تم توظيف (الجنس ,الخمر, والمخدرات) لعمق الثقة في خادم الحرمين وأهدافه النبيلة اندفع الآباء والأمهات إلى ابتعاث بناتهم قبل أبنائهم حتى على حسابهم الشخصي, فتبين لهؤلاء أن هذا المثلث التقليدي لم يعد يرهب الناس أو المسؤولين ، عندئذ قرروا الذهاب إلى أقصى درجات التشويه الممكنة, فرموا بورقة التنصير.
حاولوا مع بداية برنامج خادم الحرمين ثني البلاد عن الابتعاث باللتي هي أحسن. اقترحوا بدائل. هوّلوا التكاليف. تباكوا على أبنائنا الصغار في الغربة.. الخ. بيد أن الشعب والحكومة لم يولونهم أي انتباه. ساروا في الطريق المعاكس لآمالهم. ارتفع عدد المبتعثين وتضاعفت ميزانية الدراسة في الخارج وازدادت أعداد الدول التي يبتعثون لها. تأكدوا أن الدولة ماضية في برنامجها فانتقلت الحملة من مرحلة التخويف بالفساد إلى ورقة المروق من الدين.- لكن ما الذي يدعو الإنسان لأن يرفض الخير والتقدم لبلاده؟
في العقدين اللذين أعقبا استيلاء جهيمان على الحرم المكي الشريف تدنى عدد المبتعثين إلى أقل مستوياته في تاريخ المملكة.انخفض مستوى التعليم العام. تحول مدرس الرياضيات والفيزياء والكيمياء إلى داعية. ترنحت الجامعات السعودية وفقدت كثيرا من مكتسباتها وخبراتها. مقابل كل أستاذ جامعي يختفي ينبت مئات الدعاة والرقاة. زالت الكتب من أرفف المكتبات وحل محلها كتيبات دعوية وكاسيتات. تفشت ثقافة الموت . صارت المقابر ملاذ صغار السن ومبتغى طموحاتهم. تحولت الأعراس إلى مآتم. تضاعف سكان المملكة من الجن حتى أصبح عددهم يفوق أعداد البشر. اندلعت حرب العين والسحر والماء المقري عليه والعسل والحبة السوداء . نافست استراحات الدجل والشعوذة الأطباء والمستشفيات وأقصتها.
صرنا نشاهد النساء يحلقن في أسقف المنازل والجنيات اليهوديات اليمنيات يتربصن بالشباب والعمل السحري يُخبأ في أعماق البحار. بل صارت لفافات الخزعبلات تشارك في معارض الكتب كحقيقة ثابتة. أخيرا أصبح منظر المصدات الاسمنتية التي تمنع الانتحاريين جزءاً من المشهد العام في الشارع السعودي ومن حياة المواطن اليومية.
من يريد أن يمنع المملكة العربية السعودية من مواصلة مسيرتها المظفرة نحو العلم والحداثة والتقدم, تلك المسيرة العظيمة التي بدأها الملك عبدالعزيز بتأسيس دولة العلم والإيمان والوحدة. من هو صحاب المصلحة في إيقاف الابتعاث ومنع تصحيح المناهج المشوهة وإعادة الجامعات السعودية إلى دورها التنويري؟!
من مِن الشعوب يحلم أن يرى أبناءه الصغار يتلقون العلم في جامعات مثل ييل وهارفرد وتورنتو ولندن وكمبيرج وأكسفورد. من هو الملك بعد ملك اليابان في القرن التاسع عشر الذي وضع ثقله وميزانية دولته لنقل العلم والمعرفة من الدول المتقدمة إلى بلاده.
يتنادى هؤلاء ببراءة المحب المشفق بأن تؤسس الدولة بملياراتها التي تصرفها على الابتعاث جامعات متطورة داخل المملكة حتى لا يتعرض أبناؤنا في الخارج للتنصير والتكفير. يقترحون في كل مقال أن تتعاقد الدولة مع أفضل الأساتذة من جميع أنحاء العالم. لكنهم تناسوا تماما موقفهم عندما أسس الملك عبدالله جامعة كاوست. كيف حاولوا تشويهها. ادعوا زوراً أنهم شاهدوا الرقص والاحتفالات المختلطة لتأليب المجتمع عليها.
المسألة ليست في الابتعاث والتكفير والتنصير والمخدرات والخمور. يعرفون أن الابتعاث سيقلب المعادلة.. كل قطرة علم سيأتي بها هؤلاء المبتعثون ستضيء ركنا مظلما في النفوس يطرد منه الجن والسحرة والنضالين. كل شاب مبتعث سيعود محملا بالعلم سيختفي مقابله مئات الدعاة والرقاة.
من سيخسر مكانه ومكاسبه ونفوذه وسيطرته على العقول.... تلك هي المسألة.
التعليقات