الوطن السعودية

اليوم، 25 يناير، تحتفل مصر بالعيد الأول لثورتها، وكأن أرض الكنانة بإزاء بلاد جديدة، تضع العاشر من أكتوبر مثلا، وسواه من الأعياد الوطنية، في الذاكرة البعيدة، لتستحضر عيدها الجديد في مروره الأول.
الحق أن بعض المصريين، ممن رفضوا مظاهر الفوضى السياسية والأمنية، عبر عام كامل، لم يكونوا ليسعدوا بهذه الذكرى، لو أنها عادت قبل إنجاز انتخابات مجلس الشعب، التي تكتسب أهميتها من كونها الأولى بعد الإطاحة بالنظام السابق، ولكون مجلسي الشعب والشورى المنتخبين سيقومان باختيار لجنة مكونة من 100 عضو لكتابة دستور جديد للبلاد.
مجلس الشعب عقد أولى جلساته، أول من أمس، وانتخب الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيسا له، ليتسلم المجلس المنتخب سلطة التشريع والرقابة من المجلس العسكري، بعد أن أعلن المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، تسليم هاتين السلطتين إلى نواب الشعب، مهنئا إياهم على الثقة التي أولاها لهم الشعب المصري، الذين اختارهم نوابا له وممثلين عنه في انتخابات تاريخية لم تشبها شوائب، ولم ير المراقبون في نتائجها ما يثير الشكوك.
إن هذه الخطوة، وما ظهر بعدها، من مظاهر التلاؤم بين أعضاء مجلس الشعب، تعني أن مصر قادرة على تجاوز الجدل الدائر منذ عام، حول ماهية دولة النظام الجديد ودور الإسلام فيها، وأنها ـ كما يبدو من المعطيات الأولى ـ دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية، يتم فيها إصدار القوانين طبقا لما يناسب الشعب ولا يتعارض مع الدين الإسلامي، وهو ما أكد عليه المنظرون في حزب الأغلبية، وهو quot;الحرية والعدالةquot;، منذ البدء الأول، رافضين الدولة الدينية بالمفهوم الذي ظهر في العصور الوسطى في أوروبا، مما جعل هذا الرأي رأيا توفيقيا بين قطبين آخرين هما: أحزاب الكتلة المصرية بزعامة حزب المصريين الأحرار، الذين طالبوا بدولة مدنية خالصة، وتقابلهم بعض قوى الإسلام السياسي، مثل حزب الفضيلة الذي رفض مصطلح الدولة المدنية، لاعتقاد منظريه أن القوى الليبرالية تهدف من هذا المصطلح إلى إقامة دولة علمانية دون مرجعية إسلامية.
ومهما يكن من أمر، فإن محبي مصر يأملون في أن تكون الذكرى الأولى لثورة 25، بوابة زمنية تعبر منها أرض الكنانة إلى الاستقرار، متجاوزة تداعيات التغيير، وشوائب القلق، وأسباب الفوضى.