راجح الخوري


قبل يومين طرح سؤال وجيه: لماذا لا يعكس نبيل العربي شيئاً من معنى اسمه وكنيته على سياسة الجامعة العربية حيال الأزمة في سوريا؟
كان الدافع إلى السؤال فشل بعثة المراقبين العرب وانفجار الخلافات بين أعضائها، وخصوصاً أنها المهمة الأولى من نوعها التي تقوم بها الجامعة منذ إنشائها، وان المراقبين كما تبيَّن، لا يملكون أي خبرة في مهمتهم، ولهذا تكررت الدعوات إلى إخضاعهم للتدريب، ولكأن حامولة القتل المتصاعد في سوريا يمكن أن تتوقف، ريثما يحصل رئيس البعثة مؤسس الجنجويد اللواء محمد احمد الدابي ورفاقه على شهادة في العدل والإنصاف!
الآن صارت مهمة المراقبين مجرد ممسحة أو مهزلة يجب وقفها فوراً لأنها موضع تخبط وتناقض على كل المستويات سواء في ما يتعلق بالجامعة أو بسوريا أو بدور هؤلاء.
أولاً: كان على الجامعة ان تربط التمديد للمراقبين بقبول مبادرتها السياسية التي تدعو الرئيس بشار الأسد إلى التنحي. وبعد رفض سوريا المبادرة وتصعيد اتهاماتها للجامعة لم يعد هناك من معنى لاستمرار مهمة المراقبين الفاشلة وقد باتت الآن مستحيلة، وليس هناك ما يبرر مراوحة الجامعة في التناقض عندما تذهب إلى مجلس الأمن وترسل مراقبيها إلى سوريا!
ثانياً: سوريا تحاول أن توظف مهمة المراقبين حتى اللحظة الاخيرة. ففي حين تؤكد quot;أن الحل الأمني مطلب جماهيري وان الحكومة ستضرب بيد من حديد لسحق الإرهابيينquot;، تسارع إلى الإعلان عن قبول مهمة المراقبين الذين لا ندري ماذا سيراقبون الآن مع التصعيد الناري الواسع ضد المعارضين، إلا إذا كانوا سيراقبون فصول الانزلاق إلى الحرب الأهلية!
ثالثاً: دول مجلس التعاون الخليجي تقع أيضاً في التناقض عندما تعلن أنها سحبت أعضاءها من بعثة المراقبين كي لا يكونوا شهود زور، ثم تؤكد استعدادها لزيادة مساهمتها في تمويلهم وكأنها بهذا تموّل شهادات الزور!
رابعاً: ماذا سيفعل الفريق الدابي ورفاقه بعد تأجج الحل الأمني الآن، هل يعد الجثث ويحصي القذائف وهو الذي يواجه دعوى أقامها ضده المراقب الجزائري أنور مالك المعترض على انحيازه إلى النظام؟
وإذا كان من المفهوم أن يطالب الدابي بسيارات مصفحة وبسترات واقية من الرصاص وبأجهزة تقنية للمراقبة، رغم أن هذه المعدات فقدت جدواها بعد التطورات الأخيرة، فإن من غير المفهوم أن يطالب بماكينة إعلامية لتبرز حياده ونزاهته، وقد يكون على نبيل العربي أن يزوده عينين وأذنين وقلباً ورأفة وحياداً صادقاً وجرأة على قول الحق.
ولكن كل هذا لا ينفع، وربما كان على الجامعة وأمينها العام سحب المراقبين والعمل بنصيحة وليد المعلم بإرسالهم إلى القمر!