علاء عريبي


قبل تنحى الرئيس مبارك، قدم الرئيس العديد من التنازلات، علقت يومها عليها وأكدت أنها غير كافية، وسأعيد نشر هذه المقالة اليوم، لماذا؟، أولا لكي نستعيد ذكرى أيام الثورة، وثانيًا لكي نرى أن ما قدمه حسنى مبارك في عشرة أيام فشلت حكومات ما بعد الثورة في تحقيق بعضه حتى اليوم.

ما الذي قدمه الرئيس مبارك لكي تعود الجماهير إلى منازلها؟، هل ما تنازل عنه الرئيس مبارك كافيا لوقف المظاهرات؟، هل الرئيس جاد بالفعل في الانسحاب وتغيير الوضع الحالي قبل رحيله؟، هل علينا الانتظار عليه حتى انتهاء مدته القانونية؟، هل تاريخ مبارك السياسي يشفع له لكي نتركه عدة شهور؟، وهل هذه الشهور هي التي ستمنح الرئيس مبارك الخروج المشرف الذي يسعى إليه؟
على مدار الأيام العصيبة الماضية تنازل الرئيس مبارك عن خلوده في منصبه، وأكد عدم ترشحه مرة أخرى لمنصب الرئاسة، وقام بتشكيل وزارة جديدة، وأدخل بعض التعديلات على حزب الوطني الحاكم، وأحال بعض قيادات الوزارة السابقة إلى الحكم بتهم التربح والفساد، وقام بتعيين نائب للرئيس، ووافق على تعديل بعض مواد الدستور، كما وافق على قبول الأحكام الخاصة بصحة العضوية في مجلس الشعب، وأمر الحكومة برفع الأجور والمعاشات بنسبة 15%، كما أمر الحكومة بتثبيت العمالة المؤقتة، ووافق على الاستماع للمعارضة وللشباب المتظاهرين، وقام مؤخرا بتفويض سلطاته لنائب الرئيس، هذا ما قدمه الرئيس مبارك على مدار ثلاثة أسابيع وقع خلالها شهداء ومصابون، وخسرت البلاد المليارات من اقتصادها، هل هذه التنازلات كافية؟، وهل تؤدى بالفعل إلى انتقال سلمى للسلطة؟، وهل تضمن للشعب التغيير المنشود؟، في ظني أن حجم ما قدمه الرئيس مبارك يبدو كبيرًا وثمينًا بالنسبة لشخصيته وطاووسيته، وقد تكون هذه التنازلات كافية جدا في أي دولة أخرى، وتعد انتصارا كبيرًا للمتظاهرين، لكن في مصر هي غير كافية وغير مضمونة، لماذا؟، لأن ما قدمه الرئيس وتنازل عنه كان داخل دائرته، أو داخل حاشيته ونظامه، بمعنى أنه قام بتعيين أحد المقربين له في منصب النائب ولم يمنح المنصب لشخصية عامة من خارج الحزب ولا بعيد عن المقربين والمخلصين له، وقد فعل نفس الشيء في الوزارة، حيث كلف من يثق فيه بتشكيل الوزارة، وتم تشكيلها بناء على اختيارات الرئيس وليس استجابة لوجه نظر المكلف أو استجابة لرغبة الجماهير الثائرة، ومن ثم جاءت الوزارة من داخل الحزب الوطني ومن قلب النظام الحاكم، وعندما رفع نائبه راية الحوار جمع في مكتبه شخصيات معظمها ربيبة الأجهزة الأمنية، سواء كانوا من الأحزاب أو من الشخصيات العامة، لهذا أقر السادة الحضور ما طلب منهم وخرج الحوار بما سبق وأعلن عنه الرئيس ونائبه، وعندما قام الرئيس بتفويض نائبه في شئون الرئاسة، لم يبعد هذا التفويض أنملة واحدة عن مكتبه ولا عن قصر الرئاسة، فعمر سليمان في النهاية هو أحد رجاله المخلصين، كما أن الرئيس لم يقدم حتى هذه اللحظة استقالته من الحزب الوطني، ولم يقدم ابنه أو حاشيته استقالتهم بعد، ومازال متمسكا بالحزب الفاسد، من هنا فما قدمه الرئيس مبارك غير كاف بالمرة، ولا يشجع على الاطمئنان، لأنه يشبه ما يسمى بإعادة توزيع القوات، الأفراد هي نفسها والمكان هو بعينه، والأفكار والتوجهات واحدة، فالرئيس مازال داخل نظامه ووسط رجاله، ويستطيع قبل أن يدخل المساء أن يعيد كل فرد إلى ما كان عليه من قبل.